قوة وفصام

02 نوفمبر 2015
مالكة الصقلي / المغرب
+ الخط -
نظرياً، كان يُفترض أن تشكّل ثقافة المغاربة المزدوجة، العربية والفرنسية، عنصر قوّة وأفضليّة في عالمٍ واقعٍ تحت هيمنة الغرب السياسية والثقافية، وكان يُنتظر منها أن تؤهلهم للعب دور طليعي وقيادي في تحديث العالم العربي.

لكن عملياً، كانت هذه الثقافة المزدوجة حتى عهدٍ قريب عنصر ضعف وتهميش في العلاقة مع المشرق العربي، وعنصر صراع وتأزّم في الداخل المغاربي. لا يسع المرء إلا أن يسأل: كيف أمكن للبنان الحديث النعمة بالتفرنس أن ينوب عن الجزائر في نقل الثقافة الفرنسية إلى العالم العربي؟

إن كان على ذلك أن يبرز شيئاً، فهو تفوّق الهويات الدينية والسياسية في تأثيرها على الهويات الفعلية في اللغة والمعاش. لا يبدو اليوم أن المعادلة تغيّرت، وحتى بعد أن استعيض عن الحضور الفرنسي الاستعماري بالحضور القوي للجاليات المهاجرة المغاربية على الأراضي الفرنسية، وبعد أن صارت العربية، بلهجاتها المغاربية، اللغة الثانية في بلاد فولتير.

فالمشهد الثقافي المغاربي يكاد ينقسم اليوم بين انتهازيين يلعبون دوراً رائداً في إعادة تدوير طروحات اليمين المتطرف الفرنسي عربياً بوصفها بضاعة تنويرية، ورجعيين يريدون الخروج من جلدهم الفرنسي بالمزايدة على أقرانهم المشارقة في تخلفهم.

وغنيٌّ عن القول إن المشهد ليس أفضل لدى المثقفين المشارقة، وإن كان من شأن البعد عن الغرب أن يقدّم لهؤلاء عذراً لا يتوفّر في الحالة المغاربية.



اقرأ أيضاً: 22 مليون فانٍ

المساهمون