قهوجي في واشنطن: رئاسة ثمّ حرب على "داعش"

16 أكتوبر 2014
يرتبط الجيش اللبنانيّ بالسلاح الأميركيّ ارتباطاً عضوياً (حسين بيضون)
+ الخط -

أثبتت الأسابيع الأخيرة التي تلت اشتباكات عرسال (شرقي لبنان)، التي حصلت في أغسطس/آب الماضي، أن الجيش اللبناني يرتبط بالسلاح الأميركي ارتباطاً عضوياً. فمنذ تلك المعارك، يتلقى الجيش بشكلٍ دوري مساعدات عسكرية أميركية تحوي سلاحاً جديداً وذخيرةً. صحيح أن هذه المساعدات ليست جديدة، لكن كميتها ونوعيتها تُشكلان قفزة نوعيّة. يتحدث الأميركيون عن الجيش اللبناني كأنهم يتحدثون عن فرقة تابعة لجيشهم. يُعبر الدبلوماسيّون الأميركيون بشكلٍ دائم عن إعجابهم بهذا الجيش، وكيفية تعاطيه مع إمكانيته المتواضعة وتطويعه لها لتخدم حاجاته الكبيرة لحفظ الأمن في لبنان.

لكن هذه الرغبة الأميركية والغربية عموماً في دعم الجيش بعد اشتباكات عرسال، لا تأتي من فراغ. فلبنان، يُشكّل أحد نقاط التماس المباشر مع مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية". وتتخوّف أجهزة استخبارات من لجوء عدد من مقاتلي التنظيم إلى لبنان في حال اشتداد الضربات الجوية على مواقعه في سورية. كما أن لبنان يُعتبر الطريق الأسهل، لوصول التنظيم إلى منفذ بحري، وهو الأمر من ضمن أولويات "داعش" كما قال قائد الجيش اللبناني، جان قهوجي، في مقابلة صحافية. من هنا، فإن الدعم حاجة غربية مثلما هو حاجة لبنانيّة.
في هذا السياق، تأتي زيارة قهوجي إلى واشنطن للمشاركة في اجتماع قادة الجيوش المشاركة في التحالف الدولي ضد "داعش". لا يزال لبنان يُصرّ رسمياً على انه ليس جزءاً من هذا التحالف. لكن مشاركة قهوجي في الاجتماعات تؤكّد ما قالته مصادر دبلوماسية غربية لـ"العربي الجديد" بأن لبنان جزء من هذا التحالف، من دون إعلان هذا الأمر، "بسبب تعقيدات الوضع الداخلي".

إذاً، تُكرّس هذه الزيارة مشاركة لبنان في هذا التحالف. لكن الزيارة لا يُمكن أن تُقتصر على هذا الهدف. فبحسب مصادر لبنانيّة مقربة من الادارة الأميركية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الوضع الداخلي اللبناني لم يعد يسمح باستمرار الفراغ في موقع رئاسة الجمهوريّة، وهو فراغ مستمر منذ مايو/أيار 2014. وبرأي هذه المصادر، فإن الوضع الاقتصادي بات حرجاً جداً، ويُشترط تقديم الدعم بانتخاب الرئيس. وأتت الانشقاقات العسكرية في الجيش اللبناني أخيراً، لتزيد من حراجة الوضع. كما أن هناك ضغطاً فرنسياً جدياً على إيران لإقناع حلفائها في انتخاب الرئيس. في هذا الوقت، تنقل مصادر قريبة من حزب الله إلى أن الأخير يواجه ضغوطاً كبيرة، لجهة المعارك في سورية ومعركة القلمون ووصولها إلى الأراضي اللبناني، وهو ما دفع بأمينه العام حسن نصرالله، للانتقال إلى البقاع اللبناني للقاء قادة عسكريين في الحزب كما أشارت وسائل إعلام محلية، وذلك لبث مزيد من الروح المعنوية. ويُشار في هذا الإطار إلى أن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ربط إجراء الانتخابات النيابية بانتخاب رئيس الجمهورية واستطاع ان ينال دعم البطريرك الماروني في مطلبه هذا. كما أن الحريري كرر الدعوة لحلفائه للعمل لانتخاب رئيس توافقي مثلما جرى في العام 2008، عندما انتخب قائد الجيش حينها، ميشال سليمان، رئيساً للجمهوريّة.
هذه المعطيات تُشير إلى إعادة تحريك الملف الرئاسي. وقهوجي يُعدّ من الشخصيات القادرة على تأدية الدور التوافقي. فهو على علاقات جيدة مع مختلف القوى اللبنانيّة، وخصوصاً تيار المستقبل، كما أنه حافظ على علاقات الجيش بالدول الغربيّة والعربيّة. ولم يكن طرفاً في الصراع الداخلي اللبناني. والأهم أنه دخل في "المعركة ضد الإرهاب" من ضمن السياق العربي والغربي لها.

أما في علاقته مع حزب الله، فإنه وفّر الغطاء الذي يُريده الحزب ويحتاجه، في المعارك العسكرية في سورية وعند الحدود اللبنانيّة ــ السورية، إلى جانب التعاون الأمني بحده الأقصى، ونشر الجيش حول الضاحية الجنوبية لبيروت من ضمن الحرب على التفجيرات الانتحارية التي ضربت لبنان منذ عام 2013 بالتنسيق مع قيادة الحزب. وبالتالي فإنه يُعتبر مرشحاً مقبولاً من قبل الحزب.
وتأتي زيارته إلى واشنطن لتؤكّد متانة علاقته بالإدارة الأميركية، وعلى مركزيّة الدور الأميركي في لبنان. وتقول مصادر قريبة من قائد الجيش لـ"العربي الجديد"، إن هناك "أموراً تفصيلية يُريد أن يبحثها مع الإدارة الأميركية عن قرب في موضوع انتخابات رئاسة الجمهورية، أكثر من موضوع التحالف الدولي". وهو ما يتقاطع مع ما تقوله مصادر لبنانيّة وثيقة الصلة بواشنطن، إذا تُشير هذه المصادر إلى دور لبنان في التحالف الدولي ليس البند رقم واحد على جدول أعمال زيارة قهوجي لواشنطن.

المساهمون