قهر في رمضان طرابلس

13 مايو 2020
مهمة بحث يومية عن المياه (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

منذ بداية شهر رمضان، يعيش سكان العاصمة الليبية طرابلس، أي نحو مليوني نسمة، من دون ماء أو كهرباء غالباً، وسط إجراءات حظر التجول التي فرضتها السلطات بسبب تفشي فيروس كورونا الجديد في ليبيا. هكذا تزداد المعاناة، ومعها القهر، في شهر صيام غابت عنه بهجته المعتادة.

بالرغم من إعلان إدارة منظومة النهر الصناعي، في 20 إبريل/ نيسان الماضي، عن بدء تدفق المياه إلى العاصمة طرابلس ومحيطها بعدما أقدمت مجموعة مسلحة موالية للواء المتقاعد، خليفة حفتر، في مطلع الشهر نفسه، على وقف صمامات المياه في حقل الشويرف، جنوبي البلاد، فإنّ تدفق المياه يشهد تقطعاً وغياباً شبه كلي عن المواطنين. وأرجعت المنظومة، في بيان لها، في نهاية إبريل الماضي، ضعف منسوب تدفق المياه إلى أعمال الصيانة بحقل الشويرف، قبل أن تعلن مرة أخرى عن استئناف حركة التدفق، لكنّ المواطن حافظ صوان، يؤكد أنّ أغلب أحياء طرابلس "تعيش بلا ماء". ويوضح صوان، الذي يقطن في حي أبو سليم بطرابلس، أنّه يسير كلّ صباح بسيارته رفقة ابنيه لملء غالونات، من بئر أحد المساجد بالحي، ويقول: "بالكاد تكفي هذه الكمية احتياجات اليوم، ولا حلّ لدينا بالرغم من الوضع الذي بات لا يطاق".

وفي ظل الصمت الرسمي لحكومة طرابلس، يعتبر صوان أنّ "الحكومة التي واجهت المشكلة طوال سنوات لا ترغب في حلّها"، مضيفاً: "قد يكون ظرف الحرب حالياً مقنعاً، لكنّ قطع المياه تكرر لسنوات، وكان من الممكن إيجاد حلول أخرى إذا رغبت الحكومة". وبالرغم من إدراك صوان أنّ معسكر حفتر يستخدم ورقة المياه كوسيلة للضغط على الحكومة في طرابلس، فإنّ إدارة النهر الصناعي بررت نقص المياه وانقطاعه عن طرابلس بـ"كثرة التوصيلات غير القانونية على طول المسار المؤدي إلى مدن الساحل". وبأسى يتساءل صوان: "إذا لم تحلّ مشكلة ماء الشرب والطهي، هل أصحب أسرتي كلها إلى آبار المسجد للاستحمام مثلاً؟ وضعنا المعيشي مزرٍ بالفعل في هذا الشهر".



ومنذ بدء عدوان قوات حفتر على العاصمة طرابلس، يعد هذا الانقطاع هو السابع، فقد هددت المجموعات المسلحة المجهولة موظفي آبار المياه في الجنوب بإقفال الصمامات، وفي مرات أخرى أقدمت على قطع التيار الكهربائي عن مضخات الآبار. وبخلاف استثمار ورقة المياه من قبل حلفاء حفتر للضغط على الحكومة التي تقاتل قواتها من أجل صد عدوان حفتر عن العاصمة، يشير مسؤولو إدارة منظومة النهر الصناعي إلى أسباب أخرى تتعلق بتهالك قنوات وخطوط إمداد المياه عبر آلاف الكيلومترات من قلب الصحراء إلى مدن الشمال والعاصمة.

وعلى صعيد متصل بأوضاع المواطن في العاصمة، ما زالت أزمة الكهرباء على حالها، منذ إقدام مجموعة مسلحة أخرى موالية لحفتر على إقفال إمداد الغاز إلى محطات توليد الكهرباء، بمنطقة سيدي السائح، في التاسع من إبريل الماضي. ويعلق صوان: "هي مشكلة أخرى ترافق صيامنا فلا يمرّ يوم من دون أن ينقطع التيار الكهربائي، وأحياناً تضطر زوجتي إلى تأجيل طهي بعض المأكولات إلى ما بعد موعد الإفطار".

وبالرغم من الحلول التي قدمتها الشركة العامة للكهرباء من خلال إمداد محطات التوليد بالوقود العادي بدلاً من الغاز الطبيعي في محاولة منها لمنع انقطاع الكهرباء، فهي لا تجد حلاً للاعتداءات المتكررة على خطوط أعمدة الكهرباء وخطوط الإمداد الكهربائي. وخلال إبريل الماضي، وثقت بيانات الشركة المتلاحقة، التي تنشرها على صفحتها الرسمية، سرقة ما لا يقل عن 4800 متر من أسلاك الكهرباء في مناطق مختلفة من البلاد. كذلك، نشر المركز الإعلامي لعملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، على صفحتها الرسمية، فيديو يعرض مشاهد لأفراد من ميليشيات حفتر وهم يسرقون أعمدة الكهرباء بمنطقة مشروع الهضبة جنوبي العاصمة، ما يشير إلى تعمد إحداث أزمة في الكهرباء.



ويقول مدير التخطيط في إدارة منظومة النهر الصناعي، فرج العماري، إنّ "الشركات الأجنبية القادرة على صيانة هذه الإمدادات غادرت البلاد وما زالت ترفض العودة بسبب الظروف الأمنية". وبشأن الحلول التي قدمتها الحكومة، أكد أنّ شركات أجنبية أخرى وقعت الحكومة معها عقوداً لبناء ثلاث محطات لتحلية المياه على طول الشاطئ من طرابلس إلى مصراته "ترفض المجيء بسبب الحرب".