لم يكن المراقبون يتوقعون نتائج حاسمة للقاء الأوروبي المُصغَّر، الذي دعا إليه الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، مساء الاثنين، تساهم في حلّ رزمة من المشاكل والأزمات التي تعرفها أوروبا، وعلى رأسها خروج بريطانيا من الاتحاد، ومخاطر اتخاذ دول أخرى نفس الخطوة، خاصة بعد وصول الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض.
اللقاء الذي جمع الدول "المهمة" من جنوب القارة الأوروبية يكشف أن ثمة مجموعات لا تسير بنفس السرعة، خاصة بعد البريكسيت. وهو ما يعني أن إيقاع الدول الأوروبية ليس واحدا ومتجانسا، وبالتالي فلا بأس من التقدم وفق مجموعات، وليس انتظار السير الجماعي، لـ27 بلدا، وفق إيقاع واحد.
وجاء اللقاء للتعرف إلى مواقف فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، الدول المهمة في الاتحاد، في ما يخص المشروع الأوروبي وفي ما ينتظر الاتحاد من مشاريع قادمة سيتم إطلاقها.
كثير من المواضيع تم التطرَّق إليها خلال اللقاء، ومنها قضايا الدفاع الأوروبي، والأمن الداخلي ومراقبة الحدود الأوروبية والدعامة الأوروبية للحقوق الاجتماعية وإدارة قضايا اللجوء وموجات الهجرة.
وليس خافياً أن هذا اللقاء الرباعي، أيضا، سيهيئ اجتماع المجلس الأوروبي المقرر عقده في بروكسل يومي 9 و10 مارس/آذار، وأيضا قمة روما في 25 مارس/آذار، التي ستكون فرصة للاحتفال بمرور ستين سنة على معاهدة روما.
كما أنه ليس خافياً أن المفوضية الأوربية، ووعياً منها بأن درجة الاندماج الأوروبي تختلف بين هذا البلد وذاك، وهذا ما يكشف عنه "الكتاب الأبيض" الذي نشرته المفوضية بداية الشهر الحالي. وبالتالي فإن الدول التي تجد نفسها قادرة على الاندماج أكثر سيتم تشجيعها، دون أن يكون في الأمر كبحاً لدول أخرى. وهذا المنطق يمكن أن يطبق في ميادين مختلفة منها البحث أو الصناعة أو النظام الضريبي.
ويأتي اختيار الرئيس الفرنسي هولاند عقد اللقاء الأوروبي المصغر الذي حضرته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي باولو جونتليوني والإسباني ماريانو راخوي، في قصر فيرساي بالضاحية الباريسية، لرمزيته، وهو ما أكده هولاند: "نحن هنا في مكان رمزي، لأنّ الأمم الأوروبية التقت هنا، قبل قرن، عند خروجها من الحرب".
وأضاف: "إن منظور ذكرى معاهدة روما يجمعنا، هذا المساء"، قبل أن يستطرد: "ولا نكتفي بالاحتفال بل ونؤكد، أيضا، التزامنا من أجل المستقبل. علينا رسم الطريق". وهذا الالتزام، كما وصفه الرئيس، "لن يكون في الانطواء على الذات أو رفض التضامن".
ولخص الرئيس الفرنسي المشاغل والاهتمامات، حين قال:"إن الاتحاد ليس التجانس. وأنا أدافع من أجل تعاون مختلف، حتى تستطيع بعض البلدان الذهاب إلى ما هو أبعد".
وأضاف: "إذا أردنا أن تكون أوروبا على موعد (مع التاريخ) فعليها استخلاص الدروس من البريكسيت". وإنّ "ما تطالب به الشعوب هو أن نُشيّد أوروبا التقدم والنموّ وصناعات المستقبل".
وفي ما يخص الأمن أكد أنه "يتوجب علينا حماية حدودنا الخارجية من أجل مكافحة المخاطر والتهديدات" لأنّ "من أولى الأولويات هي تأمين أوروبا لحمايتها وأمنها".
ولم يُخف الرئيس الفرنسي قلقه من عدم تحدّث أوروبا لغة سياسية واحدة، وهو ما يعني تراجع أهميتها، فقال: "إن أوروبا المختزَلة في السوق وحده، والتخلي عن بُعدها السياسي ستكون أوروبا التراجع".