11 نوفمبر 2024
قلوبنا المتعبة
في ظل مثل هذه الظروف الجائرة من العنف والقتل والتهجير والظلم والفساد والتردي الأخلاقي والغلاء الفاحش وتدني مستوى الدخل وانعدام فرص التقدم واحتكار الثروات ضمن طبقة واحدة وذوبان الطبقى الوسطى وتلاشيها وانتشار الفقر وارتفاع نسبة الجريمة، من الطبيعي، بل من المتوقع، أن نُصاب باكتئابٍ جمعي، لا مناص عنه، وقد بات سمة أبناء شعوب المنطقة وبناتها وأحد علاماتهم الفارقة بملامحهم المتجهمة، وجبينهم المقطب، ودلائل التوتر والنزق والعصبية التي تميز شخصياتهم، وهم أبناء الشعوب المنكوبة على غير صعيد، الرازحة في معاشها اليومي، تحت شروط غير إنسانية على كل المستويات. ومن البديهي أننا نتأثر أفرادا، وفي حراكنا اليومي، بذلك كله على المستوى الشخصي، بعد أن أصبح كل منا يبحث عن خلاصه الفردي في هذا التيه العظيم.
لا بد لنا، والحال هذه، من اللجوء إلى حيل نفسية ما في مواجهة هذا الكم الفادح، المثير للرعب من المشاعر السلبية التي تطغى على أرواحنا، في معظم الأحيان، فتفضي بنا إلى اليأس والنكوص والتراجع، نحتاج إلى ابتكار آليات دفاع شرسة ضد هجمة الكآبة التي لا ترحم، مجنّدين أقصى طاقاتنا لدحرها، والحد من تقدّمها غازية معتدية قادرة على الفتك بنا عند أول لحظة وهن، لأن الواحد منا، ومهما بلغت درجة عدم اكتراثه بالشأن العام، لن يتمكّن من سلخ نفسه تماما عن محيطه، مدعيا النجاة. ذلك ليس في مقدور أيٍّ منا. أما على المستوى الوجودي المتعلق بأسئلة الحياة وجدواها، فإننا كلما مضى بنا العمر، نجد أن أسباب الكآبة تتعاظم أمامنا، ولا نجد مناصا أحيانا من الرضوخ لموجباتها، لعل ذلك مرتبط بتعمق إدراكنا حقيقة الحياة الزائلة في نهاية الأمر، فمهما حققنا فيها أو سعينا من أجل تحسين شروطها، ثمّة في آخر الطريق شرك الإحساس بالقنوط واللاجدوى والعبث وتلوح في الأفق شارة النهاية التي تجبرنا على الترجّل، لمواجه المصير المحتوم الذي يتربّص بنا جميعا في تطبيق فذ لفكرة العدالة التي قلما تحدث على وجه هذه البسيطة، ندركها شاخصةً متجليةً بأوضح صورها، وأشدها قسوة على شواهد القبور. من هنا، تتأكد الحاجة النفسية إلى حيلةٍ ما، كذبة، وهم، خديعة بيضاء، اعتناق أي فكرة، مهما بدت تافهة وضئيلة، لكي نبرّر عبرها تشبثنا المثير للشفقة بالزوال.
غير أن هذا التدريب النفسي الضروري ليس أمراً يسيراً يمكن إنجازه بسهولة، بل يتطلب جهدا ومكابدةً وصبراً وتطويعاً للنفس الأمّارة بالحزن، لكي تنفض عنها ثقل السواد الذي يجلّلها ويعيق حركتها باتجاه النور، الكفيل بتحريرها من أوجاعها الكثيرة، لن يتم لنا ذلك كله في معزلٍ عن طاقة الأمل مخزونا استراتيجيا هائلاً، يمدّنا بالرغبة والحماس والشغف تجاه ما يمكن أن تجود به الحياة ذاتها من لحظات فرح وأمان وسكينة وتحقق. وكذلك لا مفرّ من الانهماك تماما في تفاصيلها اليومية البسيطة الانهماك الذي يمنحنا القدرة على صرف الذهن وسيلة مثلى لاستهلاك طاقاتنا المبدّدة في الشك والشكوى والنحيب والتفجّع. وأيضا الابتعاد عن رفقة أصحاب الطاقة السلبية قدر المستطاع، وتقدير قيمة الحياة، فرصة نادرة ثمينة لتذوّق هباتها الكثيرة من فنون وآداب واقتراحات جمالية عديدة، وتحثّنا باتجاه جلب الفرح مخفوراً، حيث قلوبنا المتعبة المسكونة بالقلق والريبة، ما ينغّص علينا نعمة العيش الجميل البسيط في منأىً عن تراكم الأحزان التي تكبل طاقاتنا من دون طائل.
لا بد لنا، والحال هذه، من اللجوء إلى حيل نفسية ما في مواجهة هذا الكم الفادح، المثير للرعب من المشاعر السلبية التي تطغى على أرواحنا، في معظم الأحيان، فتفضي بنا إلى اليأس والنكوص والتراجع، نحتاج إلى ابتكار آليات دفاع شرسة ضد هجمة الكآبة التي لا ترحم، مجنّدين أقصى طاقاتنا لدحرها، والحد من تقدّمها غازية معتدية قادرة على الفتك بنا عند أول لحظة وهن، لأن الواحد منا، ومهما بلغت درجة عدم اكتراثه بالشأن العام، لن يتمكّن من سلخ نفسه تماما عن محيطه، مدعيا النجاة. ذلك ليس في مقدور أيٍّ منا. أما على المستوى الوجودي المتعلق بأسئلة الحياة وجدواها، فإننا كلما مضى بنا العمر، نجد أن أسباب الكآبة تتعاظم أمامنا، ولا نجد مناصا أحيانا من الرضوخ لموجباتها، لعل ذلك مرتبط بتعمق إدراكنا حقيقة الحياة الزائلة في نهاية الأمر، فمهما حققنا فيها أو سعينا من أجل تحسين شروطها، ثمّة في آخر الطريق شرك الإحساس بالقنوط واللاجدوى والعبث وتلوح في الأفق شارة النهاية التي تجبرنا على الترجّل، لمواجه المصير المحتوم الذي يتربّص بنا جميعا في تطبيق فذ لفكرة العدالة التي قلما تحدث على وجه هذه البسيطة، ندركها شاخصةً متجليةً بأوضح صورها، وأشدها قسوة على شواهد القبور. من هنا، تتأكد الحاجة النفسية إلى حيلةٍ ما، كذبة، وهم، خديعة بيضاء، اعتناق أي فكرة، مهما بدت تافهة وضئيلة، لكي نبرّر عبرها تشبثنا المثير للشفقة بالزوال.
غير أن هذا التدريب النفسي الضروري ليس أمراً يسيراً يمكن إنجازه بسهولة، بل يتطلب جهدا ومكابدةً وصبراً وتطويعاً للنفس الأمّارة بالحزن، لكي تنفض عنها ثقل السواد الذي يجلّلها ويعيق حركتها باتجاه النور، الكفيل بتحريرها من أوجاعها الكثيرة، لن يتم لنا ذلك كله في معزلٍ عن طاقة الأمل مخزونا استراتيجيا هائلاً، يمدّنا بالرغبة والحماس والشغف تجاه ما يمكن أن تجود به الحياة ذاتها من لحظات فرح وأمان وسكينة وتحقق. وكذلك لا مفرّ من الانهماك تماما في تفاصيلها اليومية البسيطة الانهماك الذي يمنحنا القدرة على صرف الذهن وسيلة مثلى لاستهلاك طاقاتنا المبدّدة في الشك والشكوى والنحيب والتفجّع. وأيضا الابتعاد عن رفقة أصحاب الطاقة السلبية قدر المستطاع، وتقدير قيمة الحياة، فرصة نادرة ثمينة لتذوّق هباتها الكثيرة من فنون وآداب واقتراحات جمالية عديدة، وتحثّنا باتجاه جلب الفرح مخفوراً، حيث قلوبنا المتعبة المسكونة بالقلق والريبة، ما ينغّص علينا نعمة العيش الجميل البسيط في منأىً عن تراكم الأحزان التي تكبل طاقاتنا من دون طائل.