06 نوفمبر 2024
قلق على الصهيونية
مرّ أكثر من عقد على نشاط منظمة "إم ترتسو" اليمينية الإسرائيلية التي يمكن ترجمة اسمها مجازًا إلى "الإرادة"، منذ تأسيسها بُعيد حرب يوليو/ تموز 2006 التي شنتها دولة الاحتلال على لبنان. ورفعت هذه المنظمة، وما تزال، راية "تعزيز قيم الصهيونية" في أوساط السكان اليهود، والتي برأيها تتعرّض للتآكل في ضوء اتساع خطاب حركات ما بعد صهيونية، ترى هذه الحركة أنه لا ينبغي على الإطلاق أن يحظى بشرعية في أي حلبة داخلية.
جاء في موقع هذه الحركة على شبكة الإنترنت أنها تسعى إلى "بناء مجتمع صهيوني"، وأنها أفلحت حتى عام 2017 في إقامة 15 فرعًا لها في الجامعات والكليات في شتى أنحاء البلد. وفي هذا ما يُحيل إلى أن نشاط هذه الحركة ما انفكّ متركزًا داخل الجامعات الإسرائيلية، وضد منظمات المجتمع المدني، ولا سيما التي تُعنى بحقوق الإنسان. لكن يمكن ملاحظة أنه، في الفترة الأخيرة، تفرّع عنها نشاط مواز يرمي إلى جعل "تعزيز قيم الصهيونية" هدفًا رئيسيًا في إستراتيجية دولة الاحتلال العسكرية كذلك.
يُمثّل على هذا النشاط مؤتمر عقده الشهر الفائت مركز أبحاث إسرائيلي جديد، هو معهد القدس للدراسات الإستراتيجية، وكان محوره جهوزية الجيش الإسرائيلي للحرب المقبلة التي يرى أن لا رادّ لها، من خلال استجلاء "روح الجيش القتالية" والروح الجماعية للسكان.
في سياق هذا المؤتمر، فتح اللواء احتياط غرشون هكوهن، قائد الفيلق الشمالي للجيش والكليات العسكرية سابقًا، النار على القيادة الحالية للجيش الإسرائيلي على خلفية إجرائها، قبل عدة أشهر، تدريبات على محاكاة حرب مكثفة في شمال البلد، هي الأوسع حتى الآن، شملت، من ضمن أمور أخرى، إجلاء عشرات آلاف سكان المستوطنات، موضحا أنه في حال وقوع سيناريو مماثل لحربٍ مكثفةٍ في الجنوب، سيتم اتخاذ الإجراءات نفسها بالنسبة إلى السكان في مستوطنات المنطقة المحيطة بقطاع غزة. ووصف هكوهن هذا بأنه حماقة، ليس فقط لأن الأمر لن يكون عمليًا وقابلًا للتنفيذ إبّان اندلاع الحرب، إنما أيضًا لأنه يمثل "تخليًا تامًا ونهائيًا عن القيم الصهيونية"، كما قال.
وتساءل: "لماذا يخطط الجيش الإسرائيلي لعمليات إجلاء كهذه؟ أين اختفت مزايا الإصرار والتصميم والاستعداد لمواجهة الصعاب؟ لماذا لا تطلب قيادة الدولة والجيش من السكان الذين يعيشون في المناطق الحدودية النائية الانحناء، ريثما تمرّ العاصفة، أو أفضل من ذلك تسليح أنفسهم والانخراط في المجهود الحربي؟". ورأى أن على الحكومة إبلاغ هؤلاء بأنهم أبطال، ثم الاستثمار في منظومات دفاعية لوائية، وضمان مشاركتهم فيها، بدلًا من التخطيط لإجلائهم والهرب من المعركة. وما لبث هكوهن أن وسّع دائرة ادعائه هذا، ليشمل أيضًا غور الأردن والضفة الغربية، مُشدّدًا، في الوقت نفسه، على أن المستوطنات رصيد مُهّم، وليست عبئًا في الحديث حول الدفاع عن دولة الاحتلال وحمايتها.
قد لا يلتفت كثيرون إلى هذا النشاط، متذرّعين بحجة أنه محصورٌ ضمن نُخب إسرائيلية لم تتوالد حديثًا، فضلًا عن أن تأثيرها في واقع دولة الاحتلال ضئيل. لكن هذه الحجة تنطوي على قدر كبير من التدليس، نظرًا إلى أن هاجس القلق على الصهيونية يكاد يطغى على كل ألوان الطيف السياسي في مجتمع دولة الاحتلال. وهذا ما تثبته يومًا بعد يوم وقائع عديدة، ليس آخرها "استطلاع الصهيونية الأكبر" الذي أجراه معهد الإستراتيجيا الصهيونية الإسرائيلي، ونشر نتائجه في يوليو/ تموز 2017، وشمل عينة نموذجية تمثّل جميع السكان اليهود الناطقين بالعبرية في إسرائيل في سن 18 عامًا وما فوق. فقد قال نحو 82% من اليهود الإسرائيليين (أربعة من كل خمسة) إن "الصهيونية لم تنه مهمتها مع إقامة دولة إسرائيل"، فيما قال 18% منهم إنها "أنهت مهمتها". ويشكل اليهود الحريديم المتشددون دينيًا الأغلبية من بين الذين قالوا إن الصهيونية أنهت مهمتها مع إقامة دولة الاحتلال. وبين هذا القول واستبطان هاجس القلق على الصهيونية الطريق قصيرة.
جاء في موقع هذه الحركة على شبكة الإنترنت أنها تسعى إلى "بناء مجتمع صهيوني"، وأنها أفلحت حتى عام 2017 في إقامة 15 فرعًا لها في الجامعات والكليات في شتى أنحاء البلد. وفي هذا ما يُحيل إلى أن نشاط هذه الحركة ما انفكّ متركزًا داخل الجامعات الإسرائيلية، وضد منظمات المجتمع المدني، ولا سيما التي تُعنى بحقوق الإنسان. لكن يمكن ملاحظة أنه، في الفترة الأخيرة، تفرّع عنها نشاط مواز يرمي إلى جعل "تعزيز قيم الصهيونية" هدفًا رئيسيًا في إستراتيجية دولة الاحتلال العسكرية كذلك.
يُمثّل على هذا النشاط مؤتمر عقده الشهر الفائت مركز أبحاث إسرائيلي جديد، هو معهد القدس للدراسات الإستراتيجية، وكان محوره جهوزية الجيش الإسرائيلي للحرب المقبلة التي يرى أن لا رادّ لها، من خلال استجلاء "روح الجيش القتالية" والروح الجماعية للسكان.
في سياق هذا المؤتمر، فتح اللواء احتياط غرشون هكوهن، قائد الفيلق الشمالي للجيش والكليات العسكرية سابقًا، النار على القيادة الحالية للجيش الإسرائيلي على خلفية إجرائها، قبل عدة أشهر، تدريبات على محاكاة حرب مكثفة في شمال البلد، هي الأوسع حتى الآن، شملت، من ضمن أمور أخرى، إجلاء عشرات آلاف سكان المستوطنات، موضحا أنه في حال وقوع سيناريو مماثل لحربٍ مكثفةٍ في الجنوب، سيتم اتخاذ الإجراءات نفسها بالنسبة إلى السكان في مستوطنات المنطقة المحيطة بقطاع غزة. ووصف هكوهن هذا بأنه حماقة، ليس فقط لأن الأمر لن يكون عمليًا وقابلًا للتنفيذ إبّان اندلاع الحرب، إنما أيضًا لأنه يمثل "تخليًا تامًا ونهائيًا عن القيم الصهيونية"، كما قال.
وتساءل: "لماذا يخطط الجيش الإسرائيلي لعمليات إجلاء كهذه؟ أين اختفت مزايا الإصرار والتصميم والاستعداد لمواجهة الصعاب؟ لماذا لا تطلب قيادة الدولة والجيش من السكان الذين يعيشون في المناطق الحدودية النائية الانحناء، ريثما تمرّ العاصفة، أو أفضل من ذلك تسليح أنفسهم والانخراط في المجهود الحربي؟". ورأى أن على الحكومة إبلاغ هؤلاء بأنهم أبطال، ثم الاستثمار في منظومات دفاعية لوائية، وضمان مشاركتهم فيها، بدلًا من التخطيط لإجلائهم والهرب من المعركة. وما لبث هكوهن أن وسّع دائرة ادعائه هذا، ليشمل أيضًا غور الأردن والضفة الغربية، مُشدّدًا، في الوقت نفسه، على أن المستوطنات رصيد مُهّم، وليست عبئًا في الحديث حول الدفاع عن دولة الاحتلال وحمايتها.
قد لا يلتفت كثيرون إلى هذا النشاط، متذرّعين بحجة أنه محصورٌ ضمن نُخب إسرائيلية لم تتوالد حديثًا، فضلًا عن أن تأثيرها في واقع دولة الاحتلال ضئيل. لكن هذه الحجة تنطوي على قدر كبير من التدليس، نظرًا إلى أن هاجس القلق على الصهيونية يكاد يطغى على كل ألوان الطيف السياسي في مجتمع دولة الاحتلال. وهذا ما تثبته يومًا بعد يوم وقائع عديدة، ليس آخرها "استطلاع الصهيونية الأكبر" الذي أجراه معهد الإستراتيجيا الصهيونية الإسرائيلي، ونشر نتائجه في يوليو/ تموز 2017، وشمل عينة نموذجية تمثّل جميع السكان اليهود الناطقين بالعبرية في إسرائيل في سن 18 عامًا وما فوق. فقد قال نحو 82% من اليهود الإسرائيليين (أربعة من كل خمسة) إن "الصهيونية لم تنه مهمتها مع إقامة دولة إسرائيل"، فيما قال 18% منهم إنها "أنهت مهمتها". ويشكل اليهود الحريديم المتشددون دينيًا الأغلبية من بين الذين قالوا إن الصهيونية أنهت مهمتها مع إقامة دولة الاحتلال. وبين هذا القول واستبطان هاجس القلق على الصهيونية الطريق قصيرة.