ساد قلق بين عدد من المصريين المتعاملين مع شركات كبار المستثمرين السعوديين الذين تم توقيفهم، مساء يوم السبت، على خلفية تهم تتعلق بغسل أموال وفساد وتقديم رشى لمسؤولين حكوميين وإبرام صفقات وهمية مع الدولة.
وكان القلق الأكبر من نصيب الذين يتعاملون مع بنك البركة - مصر المملوك لرجل الأعمال صالح كامل رئيس شركة مجموعة دلة البركة، والمتعاملين مع شركة المملكة القابضة المملوكة للملياردير الوليد بن طلال، وشركة بن لادن للتطوير العقاري التي يساهم فيها بكر بن لادن، وامتد القلق للعاملين داخل القنوات الفضائية، مثل "إيه آر تي" و"روتانا" و"إم بي سي".
ومن جانبه، قلّل مصدر مصرفي من المخاوف المتعلقة بالتعامل مع بنك البركة مصر، وقال "لا يوجد أي خطر على أموال المودعين في البنك عقب إلقاء السلطات السعودية القبض على صالح كامل".
وحسب المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن كل الأموال المودعة في البنوك مضمونة من البنك المركزي المصري سواء كانت حكومية أو خاصة أو فروعا لبنوك أجنبية، مشيرا إلى أن بنك البركة - مصر خاضع لرقابة المركزي المصري وأن إدارة الرقابة على البنوك تتابع أنشطته.
وحسب المصدر أيضاً، فإنه صحيح أن بنك البركة - مصر تابع لشركة البركة القابضة المملوكة للشيخ صالح كامل، إلا أن البنك من الناحية القانونية يعد شركة مساهمة مصرية وله مجلس إدارة مستقل برئاسة عدنان يوسف، الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية، وأن المجلس يتولى الإدارة تحت رقابة السلطات النقدية المسؤولة في مصر.
وكان متعاملون مع بنك البركة - مصر قد أبدوا قلقهم عقب إلقاء القبض على صالح كامل، إلا أن هذه المخاوف لم تدفعهم نحو سحب ودائعهم من البنك أو وقف التعامل مع البنك، وخاصة أن البنك المركزي المصري يضمن كل الودائع في القطاع المصرفي، بما فيها ودائع البنوك التي تعثرت مثل: النيل، ومصر أكستريور، والمصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية، والمصري المتحد، والأهرام، والدقهلية التجاري، والاعتماد الدولي، فكلها بنوك أفلست، ورغم ذلك لم يفقد أي مودع أمواله في أي بنك مصري.
وعلى مستوى المتعاملين مع الشركات السعودية المملوكة لرجال الأعمال الموقوفين، لم ينف عبد النبي عبد المطلب، الخبير الاقتصادي المصري، وجود قلق بين المتعاملين مع الشركات السعودية في مصر، وقال إن التحقيق مع عدد من كبار المستثمرين السعوديين قد يؤثر على المشروعات المملوكة لهم في مصر، بل وربما يكون له تأثير على مستقبل الاستثمار في البلاد، خاصة أن الاستثمارات السعودية تحتل مكانة متميزة في مصر من حيث الحجم ورؤوس الأموال.
وحسب عبد المطلب، فإن الإجراءات الأخيرة السعودية قد تكون بمثابة لطمة قوية لعدد من المشروعات الاستثمارية التي كان يجري الترويج لها في مصر، لتكون بداية لمشروعات مشتركة بين القطاع الخاص المصري والمستثمرين السعوديين، وفي مقدمتهم الوليد بن طلال، وصالح كامل، إضافة للتعاون الإعلامي مع الوليد الإبراهيم مالك مجموعة قنوات "إم بي سي".
كما أن الأسماء التي تم الإعلان عن توقيفها تمتلك مشروعات قائمة بالفعل، منها مشروعات للوليد بن طلال، ومجموعة بن لادن وغيرها، وهناك تخوف من أن تطلب المملكة التحفظ على أموال هذه المشروعات في البنوك المصرية، وإن حدث ذلك فسوف تنهار أسهم تلك الشركات، وستخسر البورصة المصرية الكثير، حسب الخبير الاقتصادي المصري.
على الجانب الآخر، يرى عبد المطلب أن استجابة الحكومة المصرية لطلب السعودية التحفظ على أموال المستثمرين السعوديين، قد يخيف عددا آخر من المستثمرين العرب من أن يتعرضوا لمثل هذا الموقف، ما يجعلهم يفقدون الثقة في مناخ الأعمال في مصر، ويجعلهم غير آمنين على أموالهم.
وقال "إذا رفضت السلطات المصرية الطلب السعودي بتجميد أموال المستثمرين الموقوفين في البنوك المصرية أو طلبت اللجوء للقضاء قبل الاستجابة للطلب السعودي، فإن هذا سيوتر العلاقات بين البلدين من جديد، بما قد يهدد بتوقف إمدادات النفط السعودي المورد من شركة أرامكو، أو أن تطلب السعودية من مصر ودائعها المؤجل سدادها والتي تبلغ قيمتها ملياري دولار".
وحسب عبد النبي عبد المطلب، فإن الحكومة المصرية مطالبة بدراسة هذا الأمر بسرعة للتوصل إلى مجموعة من الإجراءات التي تزيد الثقة فى مناخ الأعمال المصرى، وتؤكد احترام مصر للقوانين والأعراف الدولية التي تحمي الاستثمارات العالمية في مصر، وذلك من خلال طلبها بحكم قضائي نهائي وبات قبل اتخاذ أي إجراءات بالتحفظ على الأموال المملوكة لرجال الأعمال السعوديين الموقوفين.