يواجه الأطفال والمدنيون في العراق موتا محتّما أو أحد أشكال الإعاقة؛ جراء العمليات العسكريّة التي تجري في البلاد، بين القوات الحكوميّة المدعومة بالمليشيات من جانب، وبين تنظيم "الدولة الإسلاميّة" (داعش) من جانب آخر، الأمر الذي دفع المنظمات الأمميّة والدولية إلى مناشدة أطراف النزاع حمايتهم.
وتحمّل منظمات حقوقيّة عراقية، الحكومة الحالية، والتي سبقتها، مسؤوليّة استهداف الأطفال، من خلال القصف المتعمّد للمناطق السكنيّة بالبراميل المتفجّرة، وزج قوات غير نظامية تتمثّل بمليشيا "الحشد الشعبي" في المعارك، وهي قوات لا تعترف بثقافة حقوق الإنسان.
وقال رئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي"، يان كوبيتش، في بيان مشترك مع ممثّل منظّمة "يونيسيف"، بيتر هوكينز، إنّ "الصراع الدائر في العراق أصبح عبئا ثقيلا على المواطنين الأكثر ضعفا في البلاد"، مؤكّدا أنّه "في حادث واحد وقع في السادس والعشرين من أكتوبر/تشرين الثاني الماضي؛ قتل ثمانية أطفال وأصيب ستة آخرون غالبيتهم دون العشر سنوات، خلال عمليّة عسكريّة في قرية الحلابسة بالقرب من مدينة الفلوجة".
وأوضح البيان، أنّ "الأمم المتحدة تحقق في 15 حادثا آخر، سجّلت في الشهرين الماضيين، حيث شنت هجمات على المناطق المدنيّة في الفلوجة من قبل جميع أطراف النزاع"، معبرا عن قلق المؤسستين الشديد "بشأن الأطفال والمدنيين الذين مازالوا يعانون من آثار الأعمال العدائيّة في جميع أنحاء العراق".
وأشار البيان إلى أنّ "جميع العمليات الجارية في الرمادي والموصل وتلعفر والمناطق المتضررّة من الصراع؛ ترفع خطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال".
وأكّد أنّه "منذ بداية العام الجاري تم التأكّد من مقتل 189 طفلاً وإصابة 301 بجروح، نتيجة الصراع في العراق، فيما منع مئات الأطفال في المناطق المتضرّرة من الوصول إلى الخدمات الأساسيّة، كالتعليم والصحة بسبب الهجمات على المدارس والمستشفيات".
ولفت إلى أنّه "في الرمادي وحدها تم تدمير ما مجموعه 45 مدرسة نتيجة النزاع منذ العام الماضي". وناشد جميع أطراف النزاع في العراق "الالتزام بمبادئ التناسب والتمييز في أثناء العمليات العسكريّة، وحماية الأطفال وغيرهم من المدنيين من آثار العنف إلى أقصى حد ممكن، واحترام الطابع المدني للمدارس والمرافق الطبيّة".
من جهتها، أكّدت رئيسة منظمة الحياة لحقوق الإنسان العراقية- منظمة مجتمع مدني- ابتهال الزيدي، أنّ "الانتهاكات التي وقعت في العراق ضدّ الأطفال والمدنيين تتحمل مسؤوليّتها الحكومة الحالية والحكومة السابقة فقط".
وقالت الزيدي لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومتين استهدفتا المدنيين والأطفال من خلال القصف بالبراميل المتفجرة على مدن الأنبار وغيرها، وبخاصة مدينة الفلوجة، وتجاهلتا كل المناشدات وكل الدعوات لوقف ذلك القصف المريع، وتجاهلتا كل مبادئ التمايز في المعارك، وإبعاد المدنيين والأطفال عنها".
وأضافت، أنّ "العراق اليوم أصبح مستنقعا للانتهاكات المستمرة ضد المدنيين، ولا نحاسب داعش لأنّها منظمة إرهابيّة معروفة، لكنّ الحكومة يجب أن تحاسب على إهمالها لهذا الملف الخطير، وتقصيرها بهذا الجانب، وعلى زجّها المليشيات والتي ارتكبت انتهاكات لا تحصى خلال هذه الفترة، في المعارك".
وأشارت الى أنّ "العراق اليوم لا توجد فيه أيّ ضمانات لحقوق الإنسان والأطفال والمدنيين، بل توجد فيه ضمانات حكومية للمليشيات والجهات الخارجة عن القانون من أيّ مسائلة قانونيّة على انتهاكاتها".
يشار الى أنّ المدنيين والأطفال هم الحلقة الأضعف في الصراع الدائر في العراق، ووقعوا ضحيّة لنيران كافة الجهات المتقاتلة فيه، الأمر الذي أوقع المئات منهم قتلى وجرحى.