أصيب الشارع المصري بحالة من الغليان، بعدما ترددت أنباء، تفيد بأن الحكومة تسعى إلى إلغاء الدعم عن كافة أنواع الوقود "السولار، المازوت، البنزين" خلال العام المالي المقبل 2018، بناء على طلب من صندوق النقد الدولي الذي يزور أحد أعضائه مصر حالياً، وهو ما ينذر بحدوث كارثة اجتماعية في مصر، لكونه سيؤدي إلى رفع كافة الأسعار.
ووفق خبراء الاقتصاد، فإن رفع الدعم، يهدد باندلاع ثورة جياع، كما أنه يؤثر سلباً على الاستثمار في البلاد، كون القطاع الصناعي، مرتبط بشكل كبير بالوقود.
وبالمحصلة سترتفع أسعار السلع الغذائية إلى جانب ارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعي، وزيادة معدلات الفقر.
وكان صندوق النقد الدولي قد كشف مساء أمس عن تعهد حكومي بتحرير اسعار الطاقة وخفض المخصصات الحكومية الموجهة للوقود والكهرباء.
وعلم مراسل "العربي الجديد" بحسب مصدر مسؤول، أن الحكومة ماضية في رفع الدعم عن الوقود نهائياً، كونه يكلف خزينة الدولة المليارات من الجنيهات سنوياً، وأشار المسؤول إلى أن وزير البترول طارق الملا وعدد من أعضاء الحكومة، خاصة المجموعة الاقتصادية، يجتمعون بشكل مستمر لبحث هذا الموضوع.
ولفت إلى أن الدعم، يذهب إلى غير مستحقيه من الأغنياء، موضحاً أنه من المتوقع أن تقوم الحكومة بنفي الدعم عن مواد الوقود خلال الساعات القادمة، وذلك من أجل تهدئة الرأي العام فقط.
وأوضح المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته، أن هناك إجراءات أخرى متفقاً عليها مع صندوق النقد الدولي، تتعلق برفع الدعم أيضاً عن عدد كبير من المنتجات والسلع، في خطوة من الممكن اتخاذها قبل رفع الدعم عن الوقود.
يقول الخبير الاقتصادي أحمد خزيم "إن رفع الدعم عن الوقود يعد كارثة للشعب المصري، حيث يعيش معظمه تحت خط الفقر، فمعظم الصناعات، بالإضافة إلى قطاع النقل والمواصلات مرتبطة بأسعار الطاقة، خصوصاً البنزين والسولار".
وأشار إلى أن الحكومة الحالية أصبحت "تدار" عن طريق صندوق النقد الدولي، الذي يسعى للحصول على تعهدات من "الدول الدائنة" مثل مصر، وإن كان ذلك على حساب الشعب المطحون، موضحاً أن رفع الدعم عن الطاقة سيكون بمثابة "خراب بيوت" لكافة المصريين، وبمجرد أن تعلن الحكومة رفع أسعار الطاقة، ستشتعل أسعار كافة السلع والمواد.
ووفق خزيم، من حق المواطن المصري أن يعيش حياة كريمة، فجميع دول العالم تقدم الدعم لشعوبها، والحكومة هي المسؤولة بشكل رئيسي عن تأمين الحياة الكريمة للمواطنين، ولذا لا بد من موائمة القرارات السياسية والاقتصادية، حتى لو كان إلغاء الدعم من الناحية الاقتصادية صحيحاً.
وأعرب الخبير الاقتصادي عن قلقه وخوفه من المضي في هذه الخطوة، قائلاً" لن ترتفع أسعار المواد والسلع فحسب، بل سترتفع أسعار فواتير الكهرباء أيضاً، كونها مرتبطة بالوقود بالإضافة إلى ذلك، سينعكس هذا القرار على قطاع البناء والتشييد، وغيره من القطاعات الحيوية". وختم قائلاً:" إن الملف الاقتصادي في مصر، يدار بطريقة عشوائية".
وكانت العربي الجديد، قد نشرت أمس، وثيقة صندوق النقد، والتي من خلالها تعتزم الحكومة المصرية تخفيض قيمة دعم الوقود خلال العام المالي المُقبل 2017/ 2018، إلى 36.5 مليار جنيه، مقارنة بنحو 62.2 مليار جنيه في العام المالي الحالي، بانخفاض نسبته 41.3%، وفقاً للبرنامج المتفق عليه بين القاهرة وصندوق النقد الدولي، والذي تم إعلان بنوده أمس الأربعاء.
وستقوم الحكومة بنشر تقارير بشأن الاستدامة المالية وتقارير فصلية بشأن التضخم والسياسة النقدية لمنح المستثمرين مزيداً من وضوح الرؤية.
وجاء في الوثيقة: "يرى الصندوق خفض دعم الوقود أمراً أساسياً، والحكومة المصرية جاهزة لمواصلة ضبط أسعار الوقود أو اتخاذ تدابير أخرى لتعويض أي تكاليف إضافية للوقود نتيجة انخفاض قيمة سعر صرف الجنيه أو ارتفاع أسعار النفط العالمية".
وبحسب البرنامج الذي أعلنت تفاصيله، فإن دعم الكهرباء سيتقلص بشكل سنوي حتى يصل إلى الصفر في العام المالي 2020/ 2021، بينما سيصل دعم الوقود في نفس العام إلى 25 مليار جنيه.
وكانت الحكومة قد رفعت أسعار الكهرباء في أغسطس/آب الماضي بنحو 40%، كما رفعت أسعار الوقود في إطار خطة لتقليص مخصصات دعم الطاقة.
ويشير الصندوق إلى أن مصر مُلتزمة بزيادة سعر الوقود بشكل دوري لتصل أسعار بيع معظم أنواع الوقود للمستهلك إلى 100% من تكلفة الإنتاج (قبل الضريبة)، في العام المالي بعد القادم 2018/ 2019.
وتبلغ الضريبة على لتر بنزين 80 محلي 3 قروش والمستورد 18 قرشاً، وعلى بنزين 92 محلي 48 قرشاً، بينما المستورد 65 قرشاً، ويصل سعر الضريبة على بنزين فئة 95 محلي إلى 1.03 جنيه، والمستورد 1.2 جنيه، و50 قرشاً على الطن من الديزل.