بدأت الإدارة الأميركية تستشعر خطر التطورات اليمنية على أمن الولايات المتحدة؛ فقد علمت "العربي الجديد" من مصادر أمنية أميركية أن محللين يمثلون عدداً من الوكالات الاستخبارية الأميركية، إضافة إلى "مركز مكافحة الإرهاب"، يعكفون حالياً على تقييم حجم المخاطر المحتملة من تنامي قوة تنظيم "أنصار الشريعة" في اليمن، عقب نجاح تحالفاتهم القبلية في دحر مقاتلي أنصار الله (الحوثيين) من منطقة رداع اليمنية بمحافظة البيضاء، وسط البلاد، جنوبي صنعاء، التي ينتمي إليها غالبية المهاجرين اليمنيين المقيمين في ديترويت الكبرى في ولاية ميشغين الأميركية.
وأوضح أحد المصادر أن المخاوف الأمنية الأميركية ناجمة من كون مدينة رداع والمديريات المحيطة بها في محافظة البيضاء اليمنية هي الموطن الأصلي لعدد يقدر بالآلاف من حملة الجنسية الأميركية وبطاقات الإقامة الدائمة الذين يتنقلون بحرية بين رداع وديترويت. وتابع المصدر قائلاً إن "هذا أمر يرفع مستوى الخطر على أمن الولايات المتحدة في حال تمكن مليشيات أنصار الشريعة الموالية لتنظيم القاعدة من تحويل رداع اليمنية إلى معقل جديد لهم يمكّنهم من الاحتكاك المباشر مع حمَلة الجنسية الأميركية أو تفعيل عملية الاستقطاب من القادرين على دخول الأراضي الأميركية في الوقت الذي يختارونه".
وقال المصدر نفسه إن خيارات الإدارة الأميركية المطروحة تتضمن تكثيف حجم الغارات الجوية على مقاتلي أنصار الشريعة في منطقة رداع التي تتألف من سبع مديريات تمثل حوالي نصف محافظة البيضاء مساحة وسكاناً، رغم أن تكثيف الغارات في هذه الآونة قد يكون محرجاً على الصعيد السياسي للولايات المتحدة، إذ قد تبدو وكأنها تدعم الحركة الحوثية التي ترفع شعار "الموت لأميركا". وتحاول حركة الحوثي الاستيلاء على منطقة رداع بالتعاون مع مؤيدي الرئيس السابق علي عبدالله صالح، لكنها تواجه مقاومة شرسة من القبائل هناك ومن مقاتلي أنصار الشريعة على حد سواء.
وعن الموضوع نفسه، يشير دبلوماسي أميركي متخصص في الشأن اليمني، إلى أن تنامي قوة أنصار الشريعة في اليمن ككل، وليس في منطقة بذاتها، كان من النتائج المتوقعة لتمدد جماعة الحوثي، لافتاً إلى أن هذا التنامي جعل الإدارة الأميركية ودولاً عربية حليفة تغيّر موقفها من علي عبدالله صالح، وتدفع باتجاه إقناع روسيا والصين بقبول فرض عقوبات عليه وعلى نجله الأكبر، أحمد، السفير الحالي لليمن لدى دولة الإمارات. وكان أحمد يقود قوات الحرس الجمهوري التي تفيد التقارير الاخبارية والاستخبارية بأنها تشترك مع الحوثيين في عمليات التوسع داخل محافظات الوسط في اليمن.
وكان الحوثيون قد تولوا حماية المنطقة المحيطة بالسفارة الأميركية الواقعة في حي شيراتون شمالي صنعاء التي اقتحموها من دون مقاومة تذكر في الحادي والعشرين من سبتمبر/ايلول الماضي، بالتعاون مع قوات موالية للرئيس اليمني السابق. لكن قوات صالح والحوثي قوبلت بمقاومة شرسة في محافظتي إب والبيضاء. واستفاد أنصار الشريعة من رفض القبائل اليمنية للوجود الحوثي في منطقة رداع على وجه التحديد، وبالذات في المديريات المحسوبة على قبيلة قيفة، التي يقودها أنجال الشيخ الراحل أحمد ناصر الذهب، الذين وحّدتهم حرب الحوثي. كما ذكرت مصادر يمنية لـ"العربي الجديد"، أن مقاتلين من قبيلة صباح بقيادة الشيخ سيف الواقدي، شاركوا في الدفاع عن منطقة رداع إلى جانب مقاتلين من قبائل الرياشية، في حين آثرت معظم عشائر مديرية العرش الحياد بين "أنصار الله" و"أنصار الشريعة".