أثار إعلان الحكومة العراقية سعيها للانفتاح الاقتصادي على كل من السعودية وتركيا كبديل عن إيران، بعد تجديد الولايات المتحدة فرض العقوبات الاقتصادية عليها قلق الأردن، الذي سعى جاهداً في السنوات الأخيرة لاستعادة السوق العراقية التي بقيت لسنوات طويلة الوجهة التصديرية لمنتجاته.
وبحسب مصادر مطلعة تفاجأ بالإعلان العراقي توجهه للانفتاح الاقتصادي مع السعودية وتركيا متجاهلاً إياه رغم الروابط المتينة بين البلدين والاتفاقيات الاقتصادية التي تجمعهما.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر مطلعة أن الحكومة الأردنية وقفت على إعلان العراق بتعزيز الانفتاح الاقتصادي مع السعودية وتركيا دون الانتباه إلى دور الأردن في إمكانية توفير جزء كبير من احتياجات السوق العراقية. وبحسب المصادر فإن الحكومة ستكثف اتصالاتها مع الجانب العراقي خلال الأيام المقبلة لإزالة المعيقات أمام حركة الصادرات الأردنية إلى السوق العراقية وبخاصة تطبيق الإعفاءات من الجمارك التي وافق العراق على منحها لأكثر من 500 سلعة أردنية.
وكان العراق قد فرض رسوما بنسبة 30% على وارداته من السلع من مختلف البلدان، إلا أن الأردن طلب استثناءه من هذا القرار بسبب ارتباط البلدين باتفاقية تجارة حرة ثنائية، وبناء عليه أصدرت السلطات العراقية قراراً بإعفاء عدد من المنتجات الأردنية من الرسوم الجمركية لكن القرار غير مطبق حتى الآن.
وقال مسؤول أردني في تصريح سابق لـ" العربي الجديد " إن الجمارك العراقية ونقطة الحدود في مركز طريبيل لم تستجب لقرار صدر إليها من قبل الجهات المختصة للبدء بتطبيق القرار ما ساهم في انخفاض حركة الصادرات الأردنية إلى العراق.
ولفت رئيس جمعية المصدرين الأردنيين عمر أبو وشاح بحديث لـ"العربي الجديد" إلى أن توجه العراق للانفتاح الاقتصادي على السعودية وتركيا بعد فرض العقوبات على إيران سيؤثر كثيراً على الأردن من ناحية صعوبة استعادة السوق العراقية.
وأضاف أنه منذ عدة سنوات فقد الأردن السوق العراقية التي بقيت لسنوات طويلة الوجهة التصديرية الأولى لمنتجاته وأقيمت كثير من المصانع الأردنية لغاية التصدير. وأشار إلى سيطرة السلع الأردنية على السوق، في حين أن العراق يتجه اليوم إلى دول أخرى.
وأكد أبو وشاح أن على الحكومة تكثيف اتصالاتها مع الجانب العراقي خلال هذه الفترة لإزالة العقبات التي تحول دون انسياب السلع الأردنية إلى السوق العراقية.
ولم يخف أبو وشاح أن تقوية العراق لعلاقاته الاقتصادية مع الأردن لم تعد أولوية بالنسبة له ما يستدعي البحث عن أسواق تصديرية جديدة أمام المنتجات الأردنية وعدم الاعتماد على وجهات محددة.
ورغم إعادة فتح معبر طريبيل العراقي بين البلدين بعد إغلاق لعدة سنوات بسبب الأعمال الإرهابية التي تعرض لها المعبر وسيطرة عناصر داعش على أجزاء واسعة غرب العراق إلا أن الصادرات الأردنية ما تزال دون المستوى المطلوب وبعيدة جدا عن مستوياتها السابقة.
وتراجعت قيمة الصادرات الأردنية إلى العراق بعد إغلاق المعبر لتصل إلى أقل من 700 مليون دولار سنوياً بعدما كانت تتجاوز ملياري دولار.
وقال عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب الأردني النائب جمال قموه لـ " العربي الجديد" إن تحول العراق للانفتاح الاقتصادي على بلدان أخرى قد يعرقل تنفيذ مشروع أنبوب النفط المتفق عليه مع الأردن منذ عدة سنوات ولم يتم تنفيذه حتى الآن.
واعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش في حديث مع " العربي الجديد " أن الأردن يرى أن انفتاح العراق اقتصادياً على السعودية وتركيا سيكون عل حسابه مشيرا إلى أن القطاعات الاقتصادية والصناعية تأمل بالعودة التدريجية للسوق العراقية.
وأضاف أن ذلك يطرح إشكالية العلاقات الأردنية العراقية من جديد حيث التنسيق السياسي المتباعد وزيارات المسؤولين قليلة وحتى الحركة من خلال المعابر الحدودية دون المستوى المأمول. أما مشروع خط أنابيب النفط العراقي فيراوح مكانه أو يتحرك ببطء الأمر الذي يحتم على المسؤولين الأردنيين التحرك سريعاً لفتح المجال أمام الصادرات الأردنية لاستعادة حصتها السابقة.
وأوضح أن الكلام المعسول لم يعد قادراً على استعادة السوق العراقي دون خلق مصلحة مباشرة للعراق في تطوير علاقاته التجارية مع الأردن خصوصاً أن المصدّر الأردني هو الأكثر خبرة في السوق العراقية من السعودي والتركي.
وأكد رئيس جمعية الصناعات الصغيرة والمتوسطة فتحي الجغبير لـ" العربي الجديد" أن انسياب السلع بين الأردن والعراق مازال متواضعاً رغم إعادة فتح الحدود وذلك نتيجة للمخاطر التي تحيط بالطريق البرية في الجزء العراقي، إضافة إلى عدم السماح للشاحنات بالدخول إلى البلدين، حيث تتبادل الشاحنات الأردنية والعراقية الحمولات داخل منطقة التبادل التجاري.
وأضاف الجغبير أن منطقة التبادل التجاري التي أقيمت على الحدود بين البلدين لا تحفز زيادة الصادرات خاصة أن بعض السلع كالغذائية منها لا تحتمل تنزيلها وتحميلها عدة مرات، وتحتاج إلى آليات تخزين واهتمام خاص.