ويبدو أن الالتفاف الخليجي حول "وحدة تراب" المغرب هو أكبر مكسبٍ دبلوماسي نالته الرباط بعد قرارها قطع العلاقات مع طهران، إذ توالت مواقف دول الخليج العربي المؤيدة للقرار، والداعمة لعدم المسّ باستقرار المغرب، إما من خلال بيانات رسمية أو تصريحاتٍ لمسؤولين خليجيين كبار.
ولكن مقابل هذا المكسب، تلقى المغرب "عداءً رباعياً" من كل من إيران و"حزب الله" والجزائر و"جبهة البوليساريو" دفعة واحدة، فإيران و"حزب الله" شددا على براءتهما واتهما المغرب بالكذب، فيما صعدت الجزائر و"البوليساريو" لهجتيهما ضد الرباط.
وفي هذا الإطار، يرى كريم عايش، عضو "مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية"، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن موقف قطر على سبيل المثال كان بارزاً في هذا الاتجاه، من خلال "دعم الوحدة الترابية للمغرب"، مذكراً بأن رد فعل المملكة حيال مقاطعة قطر كان محايداً، وهو ما جعل العلاقات بين البلدين تسمو على كل المتغيرات.
ويقول عايش إن موقف المغرب من "الأزمة القطرية" كان نبيلاً، رغم اختلاف دول الخليج على أهميته، فهو لم يكن أبداً مصدراً للفرقة والنزاع، وهو موقف يذكر بدعوة "مجلس التعاون الخليجي" المغرب للانضمام إليه، رغم أن هذه الدعوة تمّ اعتبارها لاحقاً مجرد "فكرة طرحت دون إنضاج"، وفق تعبيره.
ووقفت السعودية وبقية الدول الخليجية مع القرار المغربي، حيث شددت الرياض أكثر من مرة على تأييد المغرب والوقوف إلى جانبه في الدفاع عن وحدته الترابية، وحفاظه على أمنه ضد تهديدات "حزب الله" اللبناني.
ويرى عايش أن المغرب "كان دوماً يقف إلى جانب الدول الخليجية في الدفاع عن أراضيها ضد تهديدات صدام حسين إبان غزو الكويت، وضد التدخلات الإيرانية عبر نشر التشيع والتلويح بالتدخل العسكري إثر قضية جزر أبي موسى وإعدام المعارض السعودي نمر النمر"، ليخلص إلى أن "دول الخليج توحدت في دعم المغرب في قراره ووحدة ترابه، على اعتبار أن قطع العلاقات مع إيران يعد دعماً لها في صراعاتها مع طهران"، فيما اعتبرت إيران والجزائر أن خطوة المغرب جاءت نتيجة إملاءات أميركية وإسرائيلية بسبب ما يدور حالياً حول برنامج إيران النووي.
ويعتبر المحلل السياسي المغربي أن موقف الجزائر خطأ إضافي، أظهر "جهلاً بمدى متانة وعمق الروابط بين المغرب ودول الخليج، ومدى صلابة ووحدة الصف حين يتعلق بتهديد أمن الدول ووحدتها الترابية ومحاولات التدخل في شؤونها الداخلية، ما دفع المغرب إلى الحديث عن تفهم لحرج الجزائر".
وأكد عايش أن قطع المغرب لعلاقاته الدبلوماسية مع إيران كان مفاجئا لكل المتابعين للأحداث في الشرق الأوسط، خاصة مع احتدام المعارك في سورية واليمن، وتسارع التجاذبات بين محور روسيا وحلفائها من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، ودعوات التهدئة الأوروبية من جانب آخر.
وبحسب رأيه، فإن منطقة شمال أفريقيا كانت على شفا حرب جديدة بعد تلويح "البوليساريو" بدعم من الجزائر بالحرب ضد المغرب، وانتهاكها لاتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة سنة 1991، مضيفا أن إيران كانت تبحث عن وضع قدم لها في الجنوب الجزائري وإذكاء حرب تكافئ بها الجزائر على عدم إدانتها لجرائم بشار الأسد، وتمدها بتعاون عسكري وتكتيكي يزيد من قدراتها العسكرية، ويبوّءها مكانة متقدمة جداً على مستوى توازن القوى في أفريقيا".