أظهرت فعاليات منتدى قطر وألمانيا للأعمال والاستثمار، الذي عقد في العاصمة الألمانية برلين، أمس الجمعة، انفتاح الدوحة في العديد من مجالات الاستثمار، فقد فرضت القطاعات المالية والعقارية والسياحية والصحية نفسها على المنتدى، بجانب الحضور القوي لقطاع الغاز المسال الذي يمثل حتى الآن قاطرة النمو والرافد الرئيسي للإيرادات في الدولة الخليجية الغنية.
ووقعت قطر على هامش المنتدى اتفاقات في قطاعات النقل والمواصلات والسياحة، حيث ينتظر رسو أكبر السفن السياحية في الدوحة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
وأكد وزير المواصلات والاتصالات جاسم بن سيف السليطي، أن قطاعات النقل هي من أكبر القطاعات المستأثرة بالاستثمارات سواء في مجال النقل أو في مجالات المشاركة مع الجانب الألماني.
وقال السليطي: "قمنا بتوقيع اتفاقية تعاون في مجال الخدمات بين وزارة المواصلات في دولة قطر وشركة دوتشه بان الألمانية للسكك الحديدية لتنظيم السلامة في مترو الدوحة، كما شهدنا توقيع اتفاقية مهمة في مجال الرحلات البحرية السياحية، وستنفذ ابتداء من الشهر المقبل بوصول أكبر سفينة سياحية في العالم إلى ميناء الدوحة، ونحن سعداء بتوقيع هذه الاتفاقية".
وأضاف "تعد موانئ قطر هي الأفضل في المنطقة، وميناء حمد هو الأفضل في الشرق الأوسط بما يحتويه من مرافق وتجهيزات حديثة جدا".
وأبرمت الهيئة العامة للسياحة على هامش المنتدى، اتفاقا مع شركة "دير توريستيك دويتشلاند" السياحية الألمانية، وذلك للترويج لعروض قطر السياحية، وجذب المزيد من الزوار الألمان. ويأتي هذا الاتفاق بعد ارتفاع عدد الزوار الألمان إلى قطر في عام 2017 بنسبة 22% مقارنة بعام 2016.
ومن المرتقب أن تحظى أعمال ومشاريع البنية التحتية السياحية في قطر بدفعة قوية في عام 2019، حينما يتم تشغيل المرحلة الأولى من شبكة مترو الدوحة ويفتتح متحف قطر الوطني أبوابه للجمهور.
وبفضل التسهيلات الأخيرة في سياسات وإجراءات التأشيرات، قامت قطر بإعفاء المواطنين الألمان من متطلبات الحصول على التأشيرة لدى الوصول، مما يمنحهم حرية الدخول إلى البلاد ويسمح لهم بقضاء مدة قد تصل إلى 90 يوما، سواء في رحلة واحدة أو عبر عدة رحلات.
وتطمح قطر إلى تنشيط العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية، مع تسريع وتيرة العمل في مشروعات كأس العالم 2022. وفي هذا السياق، ذكر تقرير لشركة الأصمخ للمشاريع العقارية، اليوم السبت، أن سوق البناء في قطر يعتبر واحدا من الأسواق سريعة النمو في الشرق الأوسط ومقصدا للاستثمارات من مختلف أنحاء العالم.
ولفت التقرير إلى أن الدولة تنفذ مشاريع ضخمة تم توقيع عقودها بتكلفة إجمالية تبلغ 261 مليار ريال (71 مليار دولار)، وهو مبلغ لا يشمل مشاريع قطاع النفط والغاز، أو المشاريع التي ينشئها القطاع الخاص، بحسب تصريحات رسمية.
وبين أن الأعوام القليلة المقبلة ستشهد إطلاق سلسلة من المشاريع السكنية تشمل بناء منازل سكنية في مناطق من بينها اللؤلؤة ومدينة لوسيل ومنطقة الوكرة، مشيرا إلى أن من ضمن هذه المشاريع مجمعات وشققاً منخفضة الارتفاع ومرافق سكنية وترفيهية.
وتتجه الحكومة القطرية، لإصدار قانون يجيز تملك غير القطريين للعقارات والانتفاع بها، في خطوة ستساهم في إنعاش سوق العقارات.
وأكد وزير المالية علي شريف العمادي، أن قطر تسعى إلى أن يكون السوق القطري جاذبا للاستثمارات الأجنبية، مشيرا إلى أن الدوحة اتخذت العديد من الإجراءات لتسهيل دخول هذا السوق والاستثمار فيه، إلى جانب تبسيط التشريعات.
وقال :"تمكنا من تجاوز الحصار الجائر بفضل متانة اقتصادنا رغم الصعوبات التي واجهناها في البداية، وخرجنا من الأزمة بقوة، كما سجلنا نموا في احتياطي العملات الأجنبية يقدر بنحو 50%"، مشيرا إلى أن القوة المالية تلعب دورا مهما في الاقتصاد، إذ تسجل دولة قطر نموا مرتفعا هو الأسرع في المنطقة.
وساهمت متانة القطاع المالي، بجانب النشاط القوي لقطاع الغاز في تدعيم اقتصاد قطر خلال الحصار. وأكد وزير الطاقة والصناعة محمد بن صالح السادة، خلال المنتدى أن المخزون الكبير من الغاز الذي تتمتع به دولة قطر يحتاج لجهد للتوسع في هذا المجال، لذلك فقد قررت دولة قطر زيادة النمو في هذا القطاع 30%، مشيرا إلى أن ذلك يتطلب جهودا في مجال التمويل وتوفير المعدات والإنشاءات، وهو ما يشكل فرصة وأرضية مناسبة للشركات الألمانية للاستثمار.
وفي مقابل الفرص الاستثمارية التي طرحتها قطر أمام الشركات الألمانية، استهل أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، افتتاح المنتدى، بالإعلان عن أن بلاده ستضخ 10 مليارات يورو في الاقتصاد الألماني خلال السنوات الخمس المقبلة، مشيرا إلى أن حجم التّبادل التجاري بين البلدين تضاعف في الفترة بين 2011 و2016 ليصل إلى نحو 2.8 مليار يورو.
ولفت الأمير إلى أن "الشركاتِ الألمانية العاملة في قطر تلعب دوراً مهمّاً في تطوير الاقتصاد القطري، حيث بلغ عدد هذه الشركات ما يزيد على 300 شركة تعمل في قطاعات حيويّة، كالإنشاءات والبنية التحتية والخدمات الاستشارية"، مضيفاً "إن ألمانيا تعتبر مقصداً مهمّاً للاستثمارات القطرية التي بلغت نحو 25 مليار يورو".