واصلت الدوحة توسيع انفتاحها على العالم اقتصادياً عبر تشريعات جديدة تحفّز جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، كان آخرها قانون الإقامة الدائمة في قطر الذي صدر منذ يومين.
وبعد أكثر من عام على حصار 4 دول عربية (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) للدوحة، كثّفت الحكومة القطرية توجهها نحو تشجيع رؤوس الأموال في مختلف القطاعات وتهيئة المناخ الاستثماري للحد من تداعيات الأزمة الخليجية وتحويل المحنة إلى منحة، لا سيما في المجال الاقتصادي.
وأكد رجال أعمال وقانونيون، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن تحسين البيئة التشريعية في قطر، ينعكس إيجاباً على القطاعات الاقتصادية والاستثمارية.
وأوضحوا أن القوانين التي أصدرها أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الثلاثاء الماضي، بشأن الإقامة الدائمة وتنظيم خروج الوافدين والسجل التجاري، عوامل مساعدة لجذب المزيد من رؤوس الأموال وتنشيط القطاعات التجارية والخدمية المختلفة، وتدعيم لسوق العقارات والسياحة، كما اعتبروها خطوة مهمة في ترسيخ الأمان الوظيفي واستقرار العمالة بما يعزز أوجه التنمية في مختلف الأنشطة.
وأتاح القانون الجديد لحامل بطاقة الإقامة الدائمة، الاستثمار في أنشطة قطاعات الاقتصاد الوطني التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء، بدون شريك قطري، على أن يكون تأسيس الشركة، وفق أحكام القانون المنظم للشركات التجارية، كما تتيح البطاقة لحاملها حق التملك العقاري للسكن، والاستثمار في المناطق، وفقاً للشروط والضوابط التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء.
ومنح قانون دخول وخروج الوافدين وإقاماتهم الجديدة، للعامل الوافد الخاضع لقانون العمل، الحق في الخروج المؤقت أو المغادرة النهائية خلال سريان عقد العمل، دون إذن خروج.
وشمل القانون تعديل بعض أحكام القانون رقم 25 لسنة 2005 بشأن السجل التجاري، بأن تُحدّد بقرار من مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح الوزير، مدة القيد في السجل التجاري بحسب طبيعة أو نوع النشاط الخاضع للقيد بالسجل، وتكون هذه المدة قابلة للتجديد لمدة أو مدد أخرى مماثلة.
وفي هذا السياق، يقول رجل الأعمال القطري علي حسن الخلف، لـ"العربي الجديد"، إن صدور القوانين والتشريعات المنظمة للحياة بمختلف جوانبها، والمتعلقة بالقضايا الاقتصادية والاستثمارية والتجارية أمر مهم، مؤكداً أن هناك حيوية للدولة فيما يتعلق بتطوير أنظمتها وأدواتها للتوافق مع متطلبات العصر والمتغيرات المتعددة، وأن قانون البطاقة الدائمة ودخول وخروج الوافدين والسجل التجاري تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030.
وطالب الخلف بإصدار لوائح تنفيذية واضحة لهذه القوانين مع توفير أجهزة إدارية متمكنة لتطبيقها من أجل تحقيق الأهداف المرجوة منها. وحسب الخلف، تتمتع قطر باستقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي وتوفر خدمات صحية وتعليمية راقية ما يشجع على الاستقرار والأمان الوظيفي والاجتماعي للقوى العاملة. واعتبر رجل الأعمال أن هذه الخطوة ستحقق نشاطاً تجارياً وعقارياً وسياحياً كبيراً.
واحتلت قطر الوجهة الأكثر انفتاحاً في منطقة الشرق الأوسط، والثامنة على مستوى العالم في ما يتعلق بتسهيل منح التأشيرات، وذلك بحسب أحدث مؤشرات منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، والخاصة بمدى انفتاح الدول على الزوار.
ومن جانبه، قال رئيس جمعية المهندسين القطريين السابق، رئيس اتحاد المهندسين العرب، أحمد جاسم الجولو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن القوانين الجديدة ستحقق جوانب اقتصادية مهمة تشمل دعم الاقتصاد الوطني، كما ستعمل على تنشيط سوق العقارات والقطاع التجاري والخدمي في قطر، لا سيما أن الدولة تهتم بشكل كبير بهذه المجالات، مع مواصلة مشروعات البنية التحتية الواسعة التي تقوم بها استعداداً لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.
وأكد الجولو على أن قطر أسرعت في خطاها نحو تعزيز الانفتاح على العالم وجذب الاستثمارات الأجنبية من أجل تحسين اقتصادها، على عكس ما توقعت دول الحصار، فاتخذت الحكومة القطرية إجراءات مدروسة لتحصين قطاعاتها المختلفة من تداعيات الأزمة الخليجية، واستهدفت جذب رؤوس الأموال الأجنبية، من خلال تهيئة المناخ الاستثماري وتحديث التشريعات وتوفير الدعم اللوجستي لرجال الأعمال.
وأكد رئيس جمعية المهندسين القطريين السابق، أن الدولة تساير حركة التطور المتسارع وخاصة في الجوانب الاستثمارية والاقتصادية، وأن القوانين الجديدة وما سبقها فريدة من نوعها في المنطقة.
وأشار إلى قانون تنظيم رأس المال الأجنبي، والذي أجاز للمستثمرين غير القطريين الاستثمار في جميع القطاعات الاقتصادية بنسبة تصل لـ100% من رأس المال، ويجوز تملك نسبة لا تزيد على 49% من رأس مال الشركات المساهمة القطرية المدرجة في بورصة قطر، بعد موافقة وزارة الاقتصاد والتجارة، على النسبة المقترحة في عقد تأسيس الشركة ونظامها الأساسي.
بدوره، قال المحامي غانم الكبيسي، لـ"العربي الجديد"، إن إصدار هذه القوانين يأتي في إطار اتخاذ خطوات قانونية لاستقطاب وتوطين الخبرات والكفاءات العلمية، وبما يسهم في تشجيع الخبرات وأصحاب تلك الكفاءات على المزيد من البذل والعطاء، كما تؤكد على تقدير دولة قطر للجهود التي يبذلها المقيمون ومساهمتهم في تحقيق التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد في المجالات المتنوعة.
وبيّن الكبيسي أن قطر نجحت في إيجاد صيغة قانونية وتشريعات تتوافق مع احتياجات المستثمرين، لافتاً إلى تركيز الحكومة خلال الأشهر الماضية على قوانين الإقامة والاستثمارات، بالإضافة إلى تشريعات الأراضي وإجراءات إقامة المشروعات وإنهاء التراخيص والموافقات المطلوبة.
وأوضح المستشار القانوني، مهند العلي، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن التعديل الجديد على قانون دخول وخروج الوافدين وإقاماتهم، لا يحتاج إلى إعادة تنظيم عقود جديدة للعمل، مشيراً إلى أنه أقر بأن يكون للوافد للعمل الخاضع لقانون العمل، الحق في الخروج المؤقت أو المغادرة النهائية للبلاد خلال سريان عقد العمل.
ومنح القانون المستقدم (المستثمر) أن يطلب حصول عدد من العاملين لديه على موافقته قبل مغادرتهم للبلاد بسبب طبيعة عملهم على أن لا يتجاوز عددهم 5% من مجموع العاملين لديه. وللعامل الوافد في حالة عدم تمكينه من مغادرة البلاد لأي سبب من الأسباب، اللجوء إلى لجنة تظلمات خروج الوافدين، وعلى اللجنة أن تبت في التظلم خلال 3 أيام عمل.