قطر تتمسك باستقلالية دبلوماسيتها والحوار

19 يونيو 2017
وزير الخارجية القطري: نتعامل مع المشكلة بمسؤولية (محمد فرج/الأناضول)
+ الخط -
يتبادل مسؤولو معسكر الرياض ـ أبوظبي المنامة مهمة التحريض على قطر، عبر أشكال عدة بلغت حد طرح وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، فرض نظام رقابة مالي على قطر، واعتبار وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، أن "السياسة القطرية تعمل في الخفاء وتتلون يوماً بعد يوم" بالتزامن مع طلب البحرين من جنود قطريين متمركزين فيها في إطار خدمتهم في القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية، المغادرة خلال 48 ساعة، بحسب ما أوردت وكالة "فرانس برس". الحملة التي تأتي وسط غياب القدرة لدى معسكر التصعيد على تقديم أي أدلة حول الاتهامات التي يوجهها للدوحة، اعتبر وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في مقابلة مع تلفزيون قطر، أنها تؤكد "هشاشة أساس هذا الخلاف الذي لا نعرف خلفياته الحقيقية"، مجدداً التأكيد على موقف قطر الثابت تجاه التمسك بالخيار الدبلوماسي وحل المشكلات على طاولة الحوار، فضلاً عن رفض أي محاولة لفرض الوصاية على قطر. 


وأكد وزير الخارجية القطري أن "التناقضات في التصريحات والاتهامات هي أكبر دليل على هشاشة أساس هذا الخلاف الذي لا نعرف خلفياته الحقيقية، هل هناك خلفية صلبة وأساس صلب لهذا الخلاف وهذه الإجراءات أم لا؟". ولفت إلى أن "مطالب الدول المحاصرة لقطر ليست واضحة حتى الآن، فقد بدأت بمطالب وحديث عن خلاف خليجي يجب عدم تدويله، ووصلت إلى مطالب ستُسلم للولايات المتحدة، والآن تحولت إلى قائمة شكاوى سيتم إعدادها". وتساءل الوزير القطري، في مقابلة مع تلفزيون قطر، بثت مساء السبت، "لماذا هذا الخلاف وهذه الإجراءات إذا كانت الشكاوى ليست مُعدّة حتى الآن؟ وهل عادة تحل الشكاوى والخلافات باتخاذ الإجراءات، أم تتخذ الإجراءات بعد استنفاد آليات الحوار الدبلوماسية المتعارف عليها دولياً؟". وأضاف: "هل هذه الإجراءات اتخذت لتغيير سياسة دولة قطر تجاه شيء خاطئ مثل ما يدّعون أم لفرض وصاية على دولة قطر وهذا الأمر مرفوض وأوضحناه أكثر من مرة". 

واعتبر وزير الخارجية القطري أن "المعضلة تكمن في أنهم لم يحددوا بشكل دقيق وجهة هذه الاتهامات، إذ يتهمون قطر بدعم وتمويل الأضداد في السياسة. لكن نحن نراهن على وعي الشارع العربي الذي اختلف كثيراً وبات قادراً على أن يفرق بين ما هو صحيح وما هو مضخم. فيجب أن تكون القضايا مبنية على منطق وحتى الآن لا يوجد أي منطق في الطرح الذي يقدمونه ومن جهتنا لا نريد أن ننزلق إلى مثل هذه الاتهامات لأنها ترد على نفسها". وحول الاتهامات بتمويل قطر الجماعات الإرهابية بمبلغ 65 مليار دولار، قال الوزير إنها "اتهامات مرسلة ومفبركة، وتحمل تناقضات كبيرة، ولا دليل عليها، وهو مبلغ كبير ولا يمكن أن يمر على النظام المالي العالمي".

وأكد وزير الخارجية القطري، أن الحل دبلوماسي، والخيار الاستراتيجي لدولة قطر هو الحوار، وحل المشاكل على الطاولة. وقال "نتعامل مع المشكلة بمسؤولية، لكن لم نرَ أي استجابة، بل استمرار مسلسل الإساءات والأكاذيب ضد دولة قطر". وبشأن الوساطة الكويتية، لفت إلى أن "هناك جهد حثيث من الأشقاء بالكويت وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت وهناك زيارات مستمرة للأشقاء في الكويت للدول التي اتخذت الإجراءات الجائرة، لكن لم يتم تسليم أية مطالب". بدوره، أكد السفير القطري في ألمانيا، سعود بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس الأحد، في تصريحات لوكالة "دي بي إيه" أنه لا بد من حل النزاع داخل مجلس التعاون الخليجي، وأضاف "لكننا نحتاج رسالة قوية من أصدقائنا في ألمانيا وأوروبا مفادها أنه يتعين على الجميع الجلوس إلى طاولة المفاوضات". وأكد السفير القطري أن الدوحة مستعدة لإجراء مباحثات، ولكنه أشار إلى أنه لا يزال غير معروف حتى الآن السبب الذي جعل الدول الأخرى تتخذ هذه الإجراءات ضد بلاده. وقال: "إننا نعرف ما تم توارده في وسائل الإعلام، ولكن ليس هناك شيء كتابي". كما أشار إلى أن بلاده لا ترغب في مواصلة تصعيد الوضع.



واصطدمت حملة التحريض التي يقودها معسكر الرياض – أبوظبي- المنامة بمواقف دولية وإقليمية رافضة لها، وهو ما دفع دول محور التصعيد إلى إيفاد مسؤوليها في جولات شملت أبرز العواصم الغربية في محاولة لإقناعهم بصوابية قرارات الحصار والمقاطعة واستكمال التحريض ضد قطر، بما في ذلك مطالبة وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، من لندن "الأصدقاء الغربيين" بإنشاء نظام رقابة مالية على "تمويل قطر". وادّعى أنّ نظام المراقبة يهدف إلى "ضمان أنّ قطر لم تعد تموّل التطرف أو تؤوي المتطرفين في الدوحة، أو تقدم الدعم لجماعة الإخوان المسلمين وحماس والقاعدة، وهذا هو الأساس لبدء أي حوار"، على حدّ قوله. وأقر قرقاش بأنه "لا توجد طلبات محددة حالياً"، مضيفاً أنّه لا يريد الدخول في حديث "عروض تجارية". كذلك وجد معسكر التصعيد نفسه أمام موقف تركي حاسم رافض للحملة على قطر. ولم تتأخر تركيا في الدخول على خط الوساطة من خلال الجولة التي قام بها وزير الخارجية، مولود جاووش أوغلو، والتي شملت الكويت والسعودية وقطر، فضلاً عن تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي وضع مفاتيح حل الأزمة في أقصر وقت بيد العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز.

وتتفق العديد من التحليلات في الصحف الغربية على فقدان الحملة على قطر أي مبررات في الوقت الذي بدأت بعض العواصم الغربية مثل لندن تشهد تحركات شعبية رافضة للحملة على قطر، فضلاً عن تحركات مماثلة في تركيا. وفي السياق، انتقدت مجلة ذي أتلانتك الأميركية الموقف الأميركي من الحملة على قطر. وأشارت إلى أنه إذا أرادت الولايات المتحدة توفير الأمن لدول الخليج العربي ومحاربة الإرهاب، فإن على واشنطن عدم الانحياز في مشاجرة أخوية مزعزعة للاستقرار، فمن شأن ذلك أن يقوض الغرض من تدخل الولايات المتحدة في المقام الأول، بل يخاطر بتعرضها للكوارث. وقالت إنه ينبغي لأميركا بدلاً من ذلك أن تبادر إلى تشجيع حلفائها على حل خلافاتهم، وأن تدفعهم جميعا للعمل بشكل أفضل على مكافحة الإرهاب والحد من خطاب الكراهية الذي ترعاه الحكومات. وأشارت إلى أن "خلاف السعودية وآخرين مع قطر ينبع من اتهام قطر بدعم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ثم لأن قناة الجزيرة -التي تتخذ من قطر مقراً لها- ما انفكت تسمح لضيوفها بانتقاد حكم تلك الدول، وذلك بالإضافة إلى استعداد دولة قطر للعمل مع إيران، ثم لكون سياسة قطر تعتبر مستقلة نسبياً".