قبل حلول شهر رمضان بأيام قليلة، يشرع صانع الحلوى حسن المصري (63 عاماً) بتجهيز كافة الأدوات والمواد الخام اللازمة لإعداد حلويات القطايف الشهيرة، التي تلقى إقبالاً كبيراً من المواطنين في قطاع غزة طوال أيام شهر الصيام، لما تتميز به من مذاق رفيع، وارتباطها بعادة رمضانية متوارثة منذ أمد بعيد.
وتمثل مهنة بيع القطايف خلال شهر رمضان مصدر رزق مؤقت للمصري، الذي يعيل عائلة مكونة من 12 فرداً، كحال العشرات من العاطلين عن العمل، الذين يسعون لكسب بعض الأموال من خلال بيع أشهر حلويات شهر رمضان.
ويقول المصري لـ "العربي الجديد" إنه يمارس مهنة إعداد القطايف وبيعها منذ أكثر من 50 عاماً، في سوق الزاوية القديم، وسط مدينة غزة، بعدما كسب فن صناعتها من والده، والذي تعلمها بدوره من جده الأكبر عيد المصري، مبيناً أن الروايات تعددت حول أصل القطايف، التي تنتشر في غالبية الدول العربية وتحديداً بلاد الشام.
وحول طريقة تحضير تلك الحلوى الشهيرة، يضيف الحاج الفلسطيني: "لا بد أن يمتلك معد القطايف الخبرة الكافية وطيب النفس أثناء عملية إعداد العجنة، التي تبدأ بخلط الدقيق والسميد مع الماء وبعض الكربونات، سواء بشكل يدوي أو آلي، إلى أن تمتزج كافة مكونات العجنة وتصبح رخوة سهلة في السكب".
وبعد انتهاء مرحلة العجن التي قد تحتاج لمدة نصف ساعة، تبدأ عملية سكب العجنة الجاهزة على صفيح ساخن، على هيئة أقراص دائرية متفرقة، يختلف حجمها حسب طلب الزبون، لتخبز من الجهة السفلية فقط، ثم توضع الأقراص الناضجة على فراش قماشي لكي تبرد، لتجهز للبيع داخل أغلفة ورقية.
ويتحدد غالباً سعر بيع حلويات القطايف بالمكونات التي تجهز بها وجودة كل عنصر، بجانب حجم القدرة الشرائية لدى المواطنين والأوضاع الاقتصادية السائدة، حيث تباع خلال العام الجاري بـثمانية شيكلات للكيلو الواحد، بارتفاع طفيف عن العام الماضي، (الدولار يساوي 3.75 شيكلات).
اقرأ أيضاً: رمضان يمنح شباب غزة فرص عمل مؤقتة
ويأمل المصري أن يتمكن من تعويض خسارته المالية التي تكبدها خلال موسم بيع القطايف في شهر رمضان المنصرم 2014؛ نتيجة الحرب الإسرائيلية التي اندلعت في الأسبوع الأول من رمضان، واستمرت لـ 51 يوما، ولكن اشتداد الحصار الإسرائيلي وتردي الظروف المعيشية قد تبدد آماله.
ويتعاون مع الحاج المصري في عملية تجهيز القطايف وبيعها خمسة عمال، جميعهم في مطلع العقد الثالث من العمر، على أمل أن توفر لهم تلك المهنة بعض الأموال التي تساعد على إعالة أسرهم وتلبية احتياجات الحياة المختلفة، كحال الشاب محمد أبو غازي، الذي تعلم إعداد القطايف قبل أربع سنوات من أحد أقاربه.
ويصف أبو غازي عملية بيع القطايف بالمهنة التي تجمع بين التعب والمتعة في آن واحد، ويقول لـ "العربي الجديد" إن المهنة تتطلب الوقوف عدة ساعات لتلبية طلبات الزبائن ومتابعة عملية إعداد أقراص القطايف، بالمقابل تجعل الشخص يعيش عن قرب أجواء رمضان داخل الأسواق الشعبية القديمة.
ويتخذ العديد من العائلات الغزية من بيع القطايف مهنة موسمية لها في شهر رمضان يشارك في مراحل صنعها مختلف أفراد العائلة، وعلى إثر ذلك لا تكاد تجد شارعاً في مدينة غزة يخلو من إحدى بسطات بيع أشهر حلويات رمضان.
وعلى أحد مفترقات شارع النصر، غرب مدينة غزة، نصب المواطن عطية قدح (38 عاماً) بسطته الصغيرة لبيع القطايف، محاولاً جذب الزبائن لشرائها، عن طريق إتقان مراحل إعدادها وعرض المستلزمات الجانبية للقطايف كالقطر والمكسرات بطريقة جذابة تلفت أنظار المارة.
ويقول قدح، إن شهر رمضان يعتبر موسماً جيداً لبيع القطايف بجانب متطلبات الحشوة الداخلية، مقابل تحصيل بعض الأموال التي تساعده في تدبير شؤون بيته، مشيراً إلى أن معدلات إقبال المواطنين على شراء القطايف لا تتجاوز نسبة 70%، رغم أن أسعار بيعها تتناسب مع الأوضاع المعيشية.
ويوضح لـ "العربي الجديد"، أن حشوة القطايف تختلف وفق أذواق المستهلكين وعادات وتقاليد أهالي البلد، فهناك من يحشوها بخلطة من المكسرات كعين الجمل والفستق الحلبي واللوز أو بالجبنة الحلوة وكذلك التمر، والبعض يحشوها بمزيج من السكر والقرفة وجوز الهند.
ويلفت قدح، إلى أن مهنة بيع القطايف ارتبطت بشهر رمضان لما لها من رونق خاص عندما تتربع على وجبة الإفطار، بجانب سهولة إعدادها ورخص تكاليف إنتاجها، الأمر الذي جعلها تجارة موسمية رابحة للعديد من العاطلين عن العمل.
اقرأ أيضاً: غزة..رمضان يفاقم معاناة 45 ألف أسرة