قطاع السيارات المغربي لا يكترث بتصريحات "لومير"

16 مايو 2020
الشركات الفرنسية تستفيد من امتيازات المغرب(فضل سينا/ فرانس برس)
+ الخط -

تلوح الحكومة الفرنسية بترحيل صناعة السيارات من المغرب، بهدف توفير فرص عمل للفرنسيين.

وقال وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، إن "على المصنّعين إعادة مشاريعهم إلى فرنسا للاستفادة من دعم الدولة في زمن كورونا ".

وأضاف: "أعتقد أن صناعة السيارات الفرنسية قامت بعمليات ترحيل كثيرة، ويجب عليها إعادة نقل بعض سلاسلها الإنتاجية". إلا أن هذه التصريحات لم يتلقفها قطاع تجميع السيارات في المغرب بجدية.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتناول فيها الوزير الفرنسي أنشطة قطاع السيارات، فقد انتقد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي تصنيع السيارات الأكثر مبيعا بفرنسا مثل "بيجو 2008" و"رينو كليو" خارج بلدها الأم، إذ تصنع الأولى بمدينة القنيطرة بالمغرب وترفانا في سلوفينيا، بينما تصنع الثانية في بورصة التركية.

ويرجح مراقبون أنه رغم تصريحات برونو لومير، فإن الشركات الفرنسية لن تغادر تركيا أو سلوفينيا أو المغرب، على اعتبار أن تلك الشركات تبحث عن امتيازات تنافسية تمنحها تلك البلدان، فالمغرب يوفر مناطق صناعية وامتيازات جبائية ولوجستية مغرية للشركات الفرنسية.
ويقول الخبير الاقتصادي الموهوب موحود لـ"العربي الجديد" إن البلدان الصناعية، خاصة الأوروبية، ستعمل على توزيع مصانعها خارج أوروبا، في الوقت نفسه الذي ستعمد إلى ترحيل فرص عمل متعلقة بالخدمات ذات القيمة المضافة إلى بلدان الجوار، من أجل تعويض انسحاب عدد من مصانع من الصين وآسيا، ما يعني أن بلداناً مغاربية ستستفيد من ذلك.

ودفع هذا النقاش مصنعي السيارات في فرنسا إلى التعبير عن نيتهم في الاستمرار في تركيب السيارات بالمغرب، إذ أكّدت اللجنة الفرنسية لمصنعي السيارات، الخميس، أن مجموعتي "رينو" و"بيجو" ثابتتان بشكل كامل في مواقعهما بالمغرب، مشددة على أنه "ليست هناك أية مراجعة من قبل الشركات الفرنسية حول هذا الأمر".

وكان العملاقان الفرنسيان قد نقلا أنشطتهما نحو بلدان أخرى تتمتع بكلفة الأجور منخفضة وتراجع في كلفة الإنتاج، إذ بينما تبلغ 38 دولاراً في فرنسا يومياً، تصل في إسبانيا إلى 24 دولاراً و13 يورو في سلوفاكيا، معتبرين أن أسعار البيع ترتهن أكثر لتكاليف الإنتاج.

وبنى المغرب جزءاً من استراتيجيته الصناعية على صناعة السيارات الفرنسية الذي أتاح لها امتيازات كبيرة، ما وفّر طاقة إنتاجية تصل إلى 500 ألف سيارة بمصنعي "رينو" في طنجة والدار البيضاء، وتوجه "بيجو" نحو مضاعفة إنتاجها بالقنيطرة من 100 إلى 200 ألف سيارة في المستقبل.
ويطمح المغرب إلى إنتاج مليون سيارة في المستقبل، مع نقل حجم الصادرات من نحو 7 مليارات دولار إلى 10 مليارات دولار، وهو ما يقتضي توسيع القدرات الإنتاجية للفاعلين الفرنسيين مع السعي لجذب مصانع جديدة.

ويعتقد الاقتصادي المغربي محمد الشيكر لـ "العربي الجديد" أنه يتوجب التركيز في تصنيع السيارات على نقل التكنولوجيا عوض السعي إلى جذب المستثمرين عبر الامتيازات المغربية بهدف تركيبها فقط في مصانعها بالمملكة.

ويؤكد المندوب السامي في التخطيط أحمد الحليمي ضرورة الارتقاء بالصناعات الوطنية لتنافس في الأسواق الخارجية، علماً أنه يعتقد أن المراهنة على الاستثمار الأجنبي في السيارات والطيران مثلاً لا ينتج قيمة مضافة كافية ولا يوفر فرص عمل كبيرة.
ويقول مراقبون إن فرنسا تدرك أن لها مصالح كبيرة في المغرب سيصعب عليه التضحية بها، فقد أبدت اهتماماً كبيراً بمشروع القطار فائق السرعة الذي يراد تسييره بين مراكش وأكادير، والذي تشير كثير من التقارير إلى أن الصينيين يريدون المنافسة من أجل الفوز به، ما يشكل مصدر إزعاج للفرنسيين، الذين ما فتئ نفوذهم يتراجع في أفريقيا.
المساهمون