يتزامن ذلك مع انتقادات داخلية وضغوط يتعرض لها رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في بلاده، بسبب تراخيه في الضغط على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن التحقيقات المُعطلة في القضية. ولذلك كان واضحاً طرحه للقضية أثناء لقائه السيسي، مساء السبت الماضي على هامش قمة "الحزام والطريق" في بكين. وقبل اللقاء بساعات قليلة، نشرت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية رسالة شديدة اللهجة إلى كونتي من والدَي ريجيني، عبّرا فيها عن استيائهما من عدم متابعة القضية على أعلى المستويات السياسية، وأبديا تشاؤمهما من عدم تحقيق أي تقدّم في فترة حكم كونتي، الذي يبدو أن لديه من الملفات ما هو أهم من البحث عن حقيقة ما حدث لريجيني، خصوصاً مستقبل ليبيا والمصالح الإيطالية البترولية هناك. ورداً على هذه الرسالة، قال كونتي، في تصريحات مقتضبة عقب لقائه السيسي، إن الدولة الإيطالية لن يهدأ لها بال إلا بكشف الحقيقة، وإنه أصيب بالإحباط عندما قرأ خطاب والدي ريجيني، لأنه ما زال يبذل جهوداً في مسارات مختلفة لتحقيق تقدم في التحقيقات. لكن كونتي كان أكثر شفافية مما سبق، عندما أكد أنه "لا يوجد بديل عن استمرار الاعتماد على الأجهزة الأمنية والقضائية المصرية" في ما يتعلق بجهود التحقيق داخل مصر. ولذلك أشار أيضاً إلى أنه يحاول الضغط على "المستوى السياسي بعيداً عن التعاون القانوني"، في إشارة واضحة إلى الجمود الذي أصاب هذا التعاون منذ نهاية العام الماضي.
وفي هذا الصدد، قالت المصادر الدبلوماسية، لـ"العربي الجديد"، إن تطور الأوضاع في ليبيا في الشهور الماضية قدّم خدمة كبيرة للنظام المصري، لأن روما وجدت نفسها مضطرة للعمل مع القاهرة على صعد عديدة، على الرغم من انسداد ملف ريجيني، ولم يعد بإمكانها ممارسة الضغوط التي كانت تمارسها في أول عامين بعد الحادث. وأشارت المصادر إلى أن النظام المصري ما زال يراهن على أن التعاون السياسي في الملف الليبي، ومنح عملاق الطاقة الإيطالي "إيني" مزيداً من المزايا، سيؤدي إلى موت ملف ريجيني تدريجياً، خصوصاً مع عدم تقديم القاهرة أي تنازل حتى الآن.
وعلى الرغم من الخلافات الجذرية بين مصر وإيطاليا حول ليبيا، ودعم الأولى لمليشيات اللواء خليفة حفتر مقابل تمسك الثانية بحكومة الوفاق الوطني، إلا أن فشل حملة حفتر على العاصمة طرابلس حتى الآن جعل من المهم للعاصمتين استعادة التفاوض والتباحث حول خارطة المستقبل، في ظل استمرار التنسيق المصري الفرنسي، والخصومة بين روما وباريس في هذا الملف. يُذكر أن النيابة العامة المصرية كانت قد أعلنت، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أنها رفضت طلباً مقدماً من نيابة روما بإدراج بعض رجال الشرطة على قائمة ما يسمى في قانون الإجراءات الجنائية الإيطالي "سجل المشتبه فيهم"، وذلك لما أبداه الجانب الإيطالي من شكوك بشأن سابقة قيامهم بجمع معلومات عن ريجيني قبل مقتله.