واعتصم العشرات من القضاة والمحامين، اليوم السبت، أمام مقر وزارة العدل وسط العاصمة الجزائرية، للمطالبة بتأسيس جمهورية جديدة يسود فيها القانون، ويتم فيها تحرير القضاء من كل الضغوط، ورفع المحتجّون شعارات "لا دولة دون قانون ولا قانون دون عدالة مستقلة"، و"تحرير العدالة أساس الديمقراطية".
كذلك طالب هؤلاء السلطة بالاستجابة لمطالب الحراك الشعبي المستمر منذ 22 فبراير/ شباط الماضي، ورحيل رموز النظام السابق، وبدء مرحلة انتقالية وسياسية تؤسس للجمهورية الثانية في الجزائر.
وراقبت الشرطة التظاهرات لكنّها لم تتدخل لفضّها، وعمدت إلى إغلاق الساحة المقابلة لمقر وزارة العدل، لمنع المحامين والقضاة من تنظيم مسيرة في الشارع، بينما شارك عددٌ من النشطاء في التجمّع.
وقالت القاضية السابقة والمحامية زبيدة عسول، في تصريح صحافي خلال التجمع، إنّه "من غير المقبول أخلاقياً وسياسياً الذهاب إلى مسار انتخابي في ظل الظروف الحالية".
وأضافت أنّه "من غير المعقول الذهاب إلى المسار الانتخابي، وإنّما يجب الذهاب إلى مسار انتقالي مثلما يطالب الشعب، لأنّه من غير المقبول والممكن الذهاب إلى تغيير جذري وحقيقي بنفس الإدارة والمنظومة والوجوه التي زوّرت الانتخابات سابقاً".
وتوازياً، بدأت القوى المدنية والنقابات في الجزائر اتخاذ خطوات العزل السياسي للسلطة، ورفض التعامل والتفاعل مع قراراتها السياسية، إذ أعلن "نادي القضاة الأحرار" عن مقاطعة مسار الانتخابات الرئاسية التي أعلن بن صالح تنظيمها، في 4 يوليو/ تموز المقبل.
وقال "نادي القضاة الأحرار" (هيئة تمثيلية مستقلة)، في بيان، إنّه "على الرغم من رفض الحراك الشعبي لاستمرار بن صالح في السلطة، باعتباره واحداً من وجوه النظام السياسي القديم، إلا أنّه أعلن عن تنظيم انتخابات رئاسية"، معلناً عن رفضه "الإشراف على مراقبة الانتخابات الرئاسية التي تنظمها الحكومة الحالية المرفوضة شعبياً".
وتولّى عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، الثلاثاء الماضي، رئاسة الجزائر مؤقتاً لمدة 3 أشهر، بموجب المادة 102 من الدستور، بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في 2 إبريل/ نيسان الماضي.
وحدّد بن صالح، الأربعاء الماضي، يوم 4 يوليو/ تموز المقبل تاريخاً لانتخابات الرئاسة في الجزائر، وهو موعد يتزامن مع الذكرى الـ57 لاستقلال البلاد في 1962.
وخرجت تظاهرات حاشدة في الجزائر، أمس الجمعة، للمطالبة برحيل بن صالح (77 عاماً) ومجمل رموز نظام بوتفليقة الذي حكم البلاد عشرين عاماً، ومن ضمنهم رئيس الحكومة نور الدين بدوي، والطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري.
وينصّ قانون الانتخابات في الجزائر على تعيين قاضٍ على رأس كل لجان محلية وولائية لمراقبة الانتخابات. ونادي "القضاة الأحرار" هو نقابة ظهرت مع الحراك الشعبي، تضم نحو ألف قاضٍ معارضين للنظام، بينما تلتزم النقابة الوطنية للقضاة المعترف بها رسمياً، والمعروفة بدعمها لبوتفليقة، الصمت إزاء الأزمة الحالية.
متظاهرون يواجهون وفداً حكومياً
إلى ذلك، خرجت تظاهرات شعبية، اليوم السبت، في مدينة بشار جنوب غربي الجزائر، رفضاً لزيارة وفد حكومي يضم وزير الداخلية صلاح الدين دحمون، ووزير السكن والعمران كمال بلجود، ووزير الموارد المائية علي حمام، مطالبين الوفد بمغادرة المدينة.
وتجمّع المتظاهرون قرب مطار بشار ووسط المدينة، رافعين شعارات مناوئة للحكومة، وزيارة الوفد الوزاري الذي كان بصدد تفقد وتدشين عدد من المشاريع الخدمية في بلدات الولاية.
ورفع المتظاهرون لافتات "ديقاج (ارحل)"، هاتفين بشعارات "لا بدوي لا بن صالح حتى واحد ما هو صالح"، و"الشعب لا يريد العصابة"، و"يا للعار يا للعار خونة في بشار"، و"جزائر حرة ديمقراطية".
وقال أحد المتظاهرين، لـ"العربي الجديد"، "نرفض أن يزورنا وزراء في حكومة غير شرعية، ومن المعيب أن تستقبل مدينتنا وزير الداخلية وهو المسؤول السياسي عن جهاز الشرطة الذي أطلق، أمس الجمعة، القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين في العاصمة".
وواجهت الشرطة وقوات مكافحة الشغب صعوبات في إبعاد المتظاهرين عن محيط المطار، والذين انتقلوا بعد ذلك للتجمّع في وسط المدينة، رفضاً لزيارة الوفد.
ويطالب الحراك الشعبي بحل حكومة بدوي، ويرفض استمرارها في إدارة وتسيير الشأن العام في الجزائر.
ويوم الأربعاء الماضي، اعترض متظاهرون وزير النقل والأشغال العمومية مصطفى كورابة، عندما كان يقوم بزيارة تفقدية إلى ورشة حفر نفق يربط بين محطتي ميترو عين النعجة وبراقي في الضاحية الجنوبية للعاصمة الجزائرية.
وقبل ذلك، اعترض إمام مساند للحراك الشعبي على كلمة كان يلقيها وزير الشؤون الدينية يوسف بلمهدي، خلال لقاء مع أئمة المساجد.
كذلك تعرّض حاكم العاصمة الجزائرية عبد القادر زوخ، ومدير شركة "سوناطراك" النفطية ولد قدور، خلال نشاط مشترك، لهتافات تتهمهما باللصوصية والتورط في الفساد.