أحمد العتال، شاب فلسطيني من مواليد العام 1982. تاريخ ميلاده من تاريخ الاجتياح الإسرائيلي لبيروت التي ولد فيها. يعيش العتال في منطقة صبرا الشعبية في وضع معيشي صعب ويحاول كغيره من الفلسطينيين الهروب منه.
في السابق جرّب السفر بالفعل، وكانت معاناته كبيرة، فلم يتمكن من الوصول إلى مقصده ألمانيا. عاد إلى لبنان ليعيش في المنطقة التي يسكن فيها، ويتزوج.
يعمل اليوم سائق سيارة أجرة، رغم تخصصه المهني في ميكانيك السيارات، وهي الشهادة التي تؤهله للانتساب إلى الجامعة. في المعهد الذي تخصّص فيه اخترع ناقل حركة سيارة يعمل على المياه وسجّل الاختراع باسمه في وكالة الأمم لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا).
عندما أنهى أحمد تعليمه المهني كان تفكيره منصباً نحو السفر فقط. يقول: "طلب مني المهرّب 4500 دولار أميركي قبل السفر، و2000 دولار بعد وصولي إلى ألمانيا". ويتابع: "سافرت من لبنان إلى تركيا براً بطريقة شرعية. وهناك كان في استقبالي مهرّب من الجنسية السودانية، أخذني معه ووضعني في ملجأ رغم أنّي كنت متفقاً مع المهرّب الأساسي على الإقامة في فندق وأن يؤمّن لي كلّ شيء. ولن أحتاج لمبلغ 500 دولار أخذته معي، لأنني لن أبقى في تركيا إلاّ ثلاثة أيام أو أربعة، وسأكون بعدها في ألمانيا". يضيف: "لكنّ ما حصل كان مغايراً للاتفاق، إذ بقيت في الملجأ ثلاثة أشهر وحدي، وكنت ممنوعاً من الخروج حتى لا تقبض عليّ الشرطة. حاولت عدم إنفاق المبلغ حتى أتمكن من العودة إلى لبنان به، فكان طعامي اللبن والخبز فقط. وبعد مرور ثلاثة أشهر حضر إلى الملجأ تسعة مهاجرين مصريين، عندها قال لنا المهرّب إنّ عددنا اكتمل وبات بإمكانه تهريبنا. وبالفعل أخذنا في باص كبير مغلق وقادنا إلى واد أنزلنا فيه، ليعلن لنا أنّنا على الحدود التركية- اليونانية وسيكون بانتظارنا مهرّب يوناني سنقطع معه نهراً نصبح بعده في اليونان".
يتابع العتال: "انتظرنا في الوادي طوال ثلاثة أيام ولم يظهر المهرّب، فمشينا صوب قرية قريبة. وعرفنا أنّ الحافلات العمومية تأتي إليها يوم الاثنين فقط لنقل العمال إلى إسطنبول. وكلّ ساعة تمرّ حافلة. لم نتمكن من الركوب في الأولى والثانية بسبب خوف السائق من أشكالنا وعددنا. لكن عندما اقتربت الثالثة خططنا للاختباء جميعاً، ليقف واحد منا فقط على الطريق بانتظارها، وعندما وصلت وصعد الشخص، ركضنا جميعاً إليه وركبنا. وعدنا إلى المهرّب السوداني".
اقرأ أيضاً: أربعُ سنوات كاملة من الترحال واللجوء
يضيف: "هددناه وقلنا له إننا نريد أن نسافر بحراً أو جواً. وفي اليوم التالي أيقظنا عند الخامسة فجراً، وأخبرنا أننا سنسافر بالباخرة. وعندما خرجنا ركبنا في حافلة كان فيها سبعون راكباً. بقينا طوال 12 ساعة فيها. وبعدها نزلنا في واد بحري، وركبنا مركباً صغيراً طوال 5 ساعات، فتعطل محرّكه بعدها واستخدم قائده الشراع. مات العديد منا، ومن بينهم شابان من مخيم نهر البارد (شمال لبنان). وفي اليوم الخامس وصلنا إلى حدود اليونان، فبدأ المهرّبون يرمون الناس من المركب إلى الشاطئ، أما أنا فصرت أزحف للوصول فلم أعد قادراً على المشي بسبب جلوسي على ركبتي في المركب المزدحم بالمهاجرين الفلسطينيين والمصريين والأفغان والهنود والباكستانيين والعراقيين".
على الشاطئ بدأ المهاجرون بنصب خيم بين الشجر للنوم، فالجميع ينتظر دوره للسفر، والمهرّبون لا يأخذون أكثر من خمسة أشخاص يومياً. يقول العتال: "عندما وصلنا إلى أثينا وضعونا أيضاً في ملجأ. وبعدها حضر شخص مصري من قبل المهرّب الأساسي الذي اتفقت معه، فذهبنا معه إلى بيته وسعدنا بذلك. لكن في اليوم التالي هجموا علينا وضربونا بالعصي على رؤوسنا وأخذوا منا المال الذي كان بحوزتنا والتأشيرات وجوازات السفر، وكبّلونا، وطلبوا منا المال ليتركونا".
يتابع: "كان صديقي الذي تعرفت عليه في الرحلة مصاباً بقدمه فانتظرنا ليشفى، وعندما شفي هربنا. لكنّ الشرطة قبضت عليه وسجنته طوال ستة أشهر. أما أنا فتمكنت من الهرب والعودة إلى لبنان".
اقرأ أيضاً: حنين.. معاناة نزوح بين مخيّمَين