قصّة القميص 24 والرقم المُحرّم في البرازيل

23 مايو 2020
غابريال باربوسا تحدى الجماهير وارتدى القميص (Getty)
+ الخط -
هي قصة كروية غريبة فريدة من نوعها محصورة فقط في الدوري البرازيلي. عن القميص رقم 24 الذي يتجنبه اللاعبون حرصاً على سمعتهم وصورتهم. عن الرقم الملعون الذي يرتبط مباشرةً برهاب المثلية، وعن رفض الجماهير كل من يرتدي هذا الرقم على أرض الملعب.

في عالم كرة القدم وكأي شيء في الحياة هناك معتقدات وتقاليد ما زالت الأكثرية تؤمن بها، لأنها تتعلق بثقافة مجتمع وأجداد. كروياً، قد نسمع مثلاً: "اشتريت حذاء جديداً، لم يكن خيراً عليّ في الملعب" أو "لون القميص الجديد لم يرِحني وجعلني أقدم أداءً متواضعاً".

هي أمور عادية بالنسبة لأي لاعب كرة قدم أو رياضي، الأشياء الملموسة بالنسبة له لها أثرها المعنوي عليه. لكن في البرازيل مثلاً قصة "تحريم" القميص رقم 24 ليست مرتبطة بلعنة أو سوء حظ، باختصار هذا الرقم يرتبط مباشرةً بالمثلية، ومن هنا تبدأ القصة.

"جوغو دو بيشو"
القصة حول رقم "24" بدأت قديماً، وتحديداً مع لعبة قمار غير قانونية تدعى "Jogo De Bicho" أو "لعبة الحيوانات". ومع أنها فقدت شهرتها التي اكتسبتها خلال الأجيال السابقة، لكنها تضمُ رقماً من بين ألف رقم، أمسى لعنة في كرة القدم البرازيلية، وهو مُحرم ثقافياً وينبذ مجتمعياً.

في اللعبة كل رقم يرمز لحيوان. الرقم "24" يرمز للغزال وباللغة البرتغالية "Veado"، وكلمة "Viado" المُشابهة باللغة البرتغالية البرازيلية تُنسب للمثليين في أراضي "السامبا". وبسببها أمسى ارتداء الرقم 24 نادراً في كرة القدم البرازيلية، والتخلص منه واجب بأي طريقة.

خوف من الأحكام
في الدوري البرازيلي، تجنب ارتداء القميص رقم 24 أمر سهل جداً، فهو أقل الأرقام المطلوبة أصلاً في أي فريق. وللتوضيح أكثر كان الحارس برينو كوستا (20 سنة)، الوحيد من بين 600 لاعب في بطولة الدوري الذي ارتدى القيمص رقم 24 هذا الموسم. طبعاً هو حارس احتياطي لا يلعب كثيراً.

الحقيقة أن الأندية أمست على دراية كاملة بعقدة الرقم وتتجنب المشاكل بين اللاعبين، وذلك عبر منحه للاعب ظهوره نادر. ومؤخراً أمسى الرقم رفيق الحارس الثالث الذي لن يلعب كثيراً. يُضاف إلى ذلك أن تجنب الرقم محلياً ممكن لكن قارياً صعب، لأن"كوبا ليبيرتادوريس" تُجبر الترقيم من 1 حتى 30.

يقول رئيس فريق باهيا البرازيلي، غيلليرمي بيليتاني: "طالما الأرقام موجودة، على اللاعبين اختيار أرقامهم. ليس لدينا تأثير على قرارهم طبعاً، إن لم يختَر أحد الرقم "24"، لن أشك في الأمر، سيكون بسبب الخوف من إطلاق الأحكام المُسبقة عليه من الجماهير البرازيلية".

رفض من المدرجات
الأمر ليس سهلاً على الجماهير البرازيلية أبداً، كل من يرتدي الرقم 24 هو "مثلي"، حتى لو لم يكن كذلك فعلاً. وحتى أساطير البرازيل مثل رونالدو "الظاهرة" أو رونالدينو مثلاً، لو ارتدوا القميص رقم 24 في الدوري البرازيلي، سيتعرضون لهجوم عنيف وشرس.

المشكلة أن هذه الجماهير هي جزء من المجتمع البرازيلي الذي يرفض "المثلية". وعليه فإن الرقم 24 ونظراً لارتباطه التاريخي بكلمة "Viado" التي تطلق على المثليين في البرازيل، أمسى مُحرماً ورؤيته على الظهر يثير غضب كل من في المدرجات.

إحصائية تكشف الرفض
في إحصائية خاصة أعدها "العربي الجديد" يتبين حجم رفض الرقم 24 بين أكبر 12 فريقا برازيليا:

-القمصان من 1-5: 52 لاعباً
-القمصان من 6-10: 55 لاعباً
-القمصان من 11-15: 46 لاعباً
-القمصان من 16-20: 44 لاعباً
-القمصان من 21-23: 32 لاعبا
-القميص رقم 24: 3 فقط (حراس مرمى مركز ثالث)
-القمصان من 25-30: 62 لاعباً
-القمصان من 31-36: 32 لاعباً
-القمصان من 37-41: 25 لاعباً
-القمصان من 42 - 46: 11 لاعباً

المُلفت أن اختيار اللاعبين للأرقام بين 20 و30 مجموعه مرتفع: 104 لاعبين (المجموع 339 لاعباً)، ما يعني أن استبعاد الرقم 24 مقصود وواضح.

مقاومة وتحدٍ
رغم الرفض الكامل لفكرة ارتداء القميص رقم 24، إلا أن بعض اللاعبين قرروا المقاومة وتحدي الجماهير. وربما أبرز الأمثلة المهاجم النجم غابريال باربوسا الذي ارتدى القميص رقم 24 في مباراة لتكريم نجم السلة الأميركية كوبي براينت.


وبعد ذلك اتضح أن باربوسا كان له هدف آخر من وراء ارتداء القميص مع فريق فلامينغو، وهو تحدي الجماهير لإنهاء حالة "رهاب المثلية" واعتبار كل من ارتدى هذا الرقم مُجرماً في المجتمع. وهناك فيكتور كارييو الذي ارتدى القميص عندما انتقل إلى فريق كورينثيانز، وكذلك فلافيو لاعب باهيا الذي طلب الرقم شخصياً.

هذه هي قصة الرقم 24. هي قضية رياضية ثقافية تتعلق بتقبل جمهور هو جزء من مجمتع لأي لاعب يرتدي قميصاً يحمل هذا الرقم. هذا التقليد لن ينتهي ولو بعد 100 سنة، هو القميص المُحرم ارتداؤه في الدوري البرازيلي وإلا العار، العار!

المساهمون