قصة ناجية من براثن "إيبولا"

17 أكتوبر 2014
يحمل ملصقاً للتوعية حول إيبولا (فرانس برس)
+ الخط -

"ماذا سيحلّ بنا بعدما نجونا من إيبولا"؟ تسأل ماري بونغو الكونغولية البالغة من العمر 58 عاماً، التي تجد صعوبة في العيش بين الأحياء. بعد ثلاثين يوماً من الصراع مع مرض إيبولا، شُفيت بونغو وسمح لها بمغادرة المركز الصحي التابع لمنظمة "أطباء بلا حدود"، حيث يعالج مرضى إيبولا في لوكوليا، على بعد حوالي 800 كلم شمال شرقي العاصمة كينشاسا.

لكن معاناتها لم تنته بعد خروجها من المستشفى الميداني المقام تحت خيمة كبيرة في قلب الغابة الاستوائية. فبعد عودتها إلى الحياة، اكتشفت أن الحمى النزفية قضت على معظم أفراد عائلتها. قتل المرض ثمانية من أبنائها التسعة، وإثنين من أحفادها وشقيقتها وأحد أقربائها. لحسن حظها نجا زوجها. لا تذكر بونغو كيف نقلت إلى المستشفى الميداني. تقول: "شعرت بالإعياء، وظننت أنني مصابة بالملاريا أثناء مشاركتنا في جنازة. لكن بعد خروجي، لم أر أياً من أفراد عائلتي الذين رافقوني إلى المستشفى. ماتوا جميعا في غيابي".

نجت بونغو، إضافة إلى 12 آخرين من إيبولا، الذي قتل 43 شخصاً منذ نهاية يوليو/تموز في منطقة معزولة في شمال غرب جمهورية الكونغو الديموقراطية. بعد شفائها، عادت إلى قريتها ايتوكو. لكنها سرعان ما غادرتها. تقول "لم أحتمل غياب أبنائي".

ويتولى الطبيب النفساني لدى وزارة الصحة أوليا بالايي مساعدة الناجين من إيبولا للاندماج في المجتمع: ويقول: "لا يوجد لديهم كهرباء ولا تصل المياه إلى المنازل ولا طرق معبدة. السكان يجهلون كل شىء عن الحداثة التي وعدت بها الحكومة في إطار برامج التنمية". يضيف "إيبولا مرض مخيف. الخوف مفهوم لكن لا ينبغي المبالغة". يعمل الطبيب على إعداد الناجين "لمواجهة ردود فعل الناس عندما يعودون إلى مجتمعاتهم، وإقناعهم بأنه لا ينبغي عزل الناجين".


يضيف بالايي الذي رافق بونغو لدى عودتها إلى قريتها: "كي أثبت أنها لم تعد تشكّل خطراً عليهم، صافحتها أمام الجميع"، علماً أن هذا المرض يجتاح الكونغو الديموقراطية للمرة السابعة منذ اكتشافه عام 1976. ويشرح أنه "تم في الماضي تسجيل الكثير من حالات الاكتئاب لدى المرضى بعد شفائهم".

بعد مغادرة قريتها، عادت بونغو إلى لوكوليا، وتطوعت للعمل في المركز الذي عولجت فيه. وبما أن الناجين تكون لديهم مناعة ضد الفيروس، فقد بات بوسعها الاقتراب من المرضى من دون خوف، في حين يضطر باقي العاملين في المركز لارتداء الملابس الواقية لتفادي أي تلامس مع المرضى أو إفرازاتهم.

بداية، اهتمت بالأطفال أبناء المرضى الذين كانوا ينتظرون أهلهم في المركز. ومنذ بضعة أيام، صارت تهتم بطفل وضع في "العزل" بسبب الاشتباه بإصابته. وخارج حدود الشريط البلاستيكي البرتقالي اللون، ينتظر زوجها بوكومو ايروجي المستعد دائماً لدعمها ومساعدتها على نسيان صعوبات عملها. يقول: "سنعيش معاً من جديد. إنها زوجتي. أشكر لله على شفائها. لا أخشى الحياة معها". 

المساهمون