يبدو أن قطاع غزّة مهدّدٌ بأمراض جديدة وخطيرة نتيجة استخدام الاحتلال الإسرائيلي، خلال عدوانه الأخير عليه، صواريخ وقذائف وأسلحة محرّمة دولياً. وقد سقطت أطنان من المتفجرات على منازل المدنيين والأراضي الزراعية، بهدف القضاء على جميع أشكال الحياة في غزة.
أحمد الراوي، أُصيب بسرطان الدم منذ عامين، تحديداً بعد عدوان 2012. وبعدما أخبره الأطباء بالأمر، أصرّ على إرسال عيّنة من دمه إلى إحدى المختبرات في الخارج لمعرفة السبب من حسابه الخاص، فتبيّن أنه تعرض لمادة سامة بعد إصابته أثناء الحرب، فتغلغلت في دمه وأدت إلى تكاثر الخلايا السرطانية.
يقول الراوي، لـ"العربي الجديد"، إنه "يخشى على مصير المصابين خلال العدوان الحالي"، مضيفاً: "عندما أُصبت، لم أتصوّر أن الأيام كانت تخفي لي مرضاً خبيثاً"، إذ إن جرحه المكشوف وتعرّضه لنسبة من البارود أدى إلى إصابته بالسرطان.
وكان وزير الصحة السابق، باسم نعيم، لفت إلى دور القذائف الإسرائيلية في التسبّب بالكثير من الأمراض. ويوضح، لـ"العربي الجديد"، أن "كميّة القذائف التي انهالت على المدنيين خلال الحروب السابقة، أدت إلى انتشار الكثير من الأمراض بين الغزيين نتيجة استنشاق مواد تحتوي على الفوسفور المحرّم دولياً".
ويضيف نعيم: "خلال الحرب التي شهدتها غزة قبل عامين، حضر فريق طبي فرنسي إلى القطاع، وأجرى فحوصات على المتفجرات التي أطلقتها مدفعيّات وطائرات الاحتلال، وتبيّن أن هناك 90 مادة تحتويها الذخائر تسبّب أمراض السرطان والعقم وهشاشة العظام والتهابات في القصبة الهوائية وضعف المناعة وغيرها". ويؤكد أن "الأمراض الخبيثة انتشرت بعد الحروب الإسرائيلية، وزادت نسبة الإصابة بالسرطان والعقم عند الرجال والنساء، عدا عن التشوهات الخلقية".
أما مدير دائرة التوعية البيئية بسلطة جودة البيئة، أحمد حلس، فيلفت إلى "تأثير أطنان المتفجرات على التربة لناحية تسميمها وجعلها غير صالحة للزراعة". ويشير إلى أن "البنية التحتية المدمّرة أدت إلى نقل البارود إلى المياه التي يستخدمها المواطنون للاغتسال، ويتطلب الأمر تغيير البنية التحتية، لكن الإمكانيات لا تسمح بذلك في الوقت الحالي".
وطالب حلس الوفود الدولية والمنظمات البيئية العالمية بالمجيء إلى غزة وفحص التربة والمياه، لمعرفة مدى وحشية الاحتلال الإسرائيلي الذي قضى على المقومات البيئية الوحيدة المتبقية للغزيين في ظل الحصار.
من جهته، يقول الطبيب في منظمة "أطباء بلا حدود" في غزة، جلال رضوان، لـ"العربي الجديد": "كثيراً ما ناشدنا الجهات الدولية بسبب مخاطر الأسلحة المستخدمة. الرقابة غائبة، وإسرائيل تستخدم أسلحة محرّمة دولياً". ويشير إلى أن "وفوداً طبية وخبراء دوليين حضروا إلى غزة، وكشفوا على الأسلحة المستخدمة"، ولفتوا إلى أنها "عادة ما تُستخدم ضد جيوش ضخمة وتدمّر داخل المناجم أو في مناطق جبلية".
ويضيف رضوان: "لم تستخدم تلك الأسلحة في أي منطقة بالشرق الأوسط، حتى في سوريا والعراق. وهذا يدل على مدى حقد الاحتلال على الفلسطينيين ونيته تدمير الحياة الإنسانية والصحية والبيئية". ويأمل أن "تخضع الأسلحة المستخدمة هذه المرة للرقابة من قبل مجلس الأمن الدولي، وخصوصاً بعد حصول فلسطين على مقعد مراقب في الأمم المتحدة".