تبرير الارتفاع الحاد في أسعار السلع الغذائية في مصر بالذات دون باقي دول العالم بارتفاع أسعار الدولار أمام العملة المحلية وحده ليس صحيحاً، ولا يفيد في التعامل مع أسباب المشكلة وإمكانية حلها.
فالعالم كله، دون المنطقة العربية، يشهد وفرة في الإنتاج الغذائي، وانخفاض الأسعار المحلية مدعومة بانخفاض أسعار النفط، وبتطبيق سياسات زراعية داعمة للمزارعين، تبدأ بتوفير التقاوي غزيرة الإنتاج والأسمدة الكيماوية، والإرشادات الزراعية، والميكنة الحديثة.
هذه السياسات الزراعية الرشيدة أدت لزيادة الإنتاج الغذائي، ومهدت لانخفاض الأسعار لمستويات غير مسبوقة.
وقد رصد مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء "فاو"، الشهر الماضي، انخفاض أسعار السلع الاستراتيجية، مقداره 15 في المائة عن مستويات السنة الماضية، وكذلك رصد هبوط أسعار السكر بمقدار 10 في المائة، والزيوت النباتية بأكثر من 8.5%.
ورغم أن أسعار الغذاء العالمية ارتفعت قليلا في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد أن سجلت هبوطا حادا في أغسطس/آب الماضي، لكنها ما زالت أقل بكثير من المستويات التي سجلتها في الفترة نفسها من العام الماضي.
الحكومة المصرية رفعت الدعم عن السولار وغيرها من المشتقات البترولية، رغم انخفاض الأسعار العالمية لأكثر من النصف منذ شهر يونيو/حزيران 2014، ما زاد تكاليف الزراعة والحصاد والنقل، فزادت أسعار الغذاء بنفس الوتيرة ليعاني المواطن المصري مزيدا من الغلاء دون ذنب منه.
كما رفعت الحكومة أسعار الأسمدة الكيماوية منفردة في ذلك عن باقي حكومات الدول الرشيدة، ما أجبر الفلاح المصري على تقليل معدل الأسمدة التي اختفت أيضاً من السوق، لينخفض معدل إنتاج المحاصيل الرئيسية ليتكبد المزارع الخسائر رغماً عنه ويقل العرض المحلي، ويزيد الاستيراد بالدولار وتزيد الأسعار على الجميع.
ما زاد الطين بلة، تنفيذ الحكومة سياسة تحرير أسعار السلع التموينية وإلغاء منظومة المناقصات الحكومية، واستبدالها بالدعم المالي المبتور، ما أدي لانخفاض المعروض منها وزيادة سعرها بسبب حجم الطلب وغياب الدعم اللوجستي غير المحسوب، وكذلك فساد القيادات الحكومية التي كشف عنها وزير التموين في عهد حكومة حازم الببلاوي، اللواء محمد أبو شادي.
هذه السياسات الخادعة والقاسية التي تتبناها حكومات الثالث من يوليو وحدها، هي سبب موجات الغلاء الطاحنة والأحق باللوم قبل أن يتسبب الدولار فيها.
اقرأ أيضاً: نقص الدولار يهدد قيمة الجنيه المصري