يرى كثيرون أنّ قبرص تمثل وجهة شاطئية ومنتجعاً صيفياً فقط، مكاناً للهروب من البرد والاستمتاع بمناخ البحر الأبيض المتوسط المشمس، ومحطة للهو واللعب والنشاطات الترفيهية بعيداً من ضعوط الحياة.
وأمام هذا المشهد السياحي، قد تبدو الثقافة القبرصية مخفية أو ربما شبه غائبة، لكن من يزورها يعي جيداً أنها تنعم بكثير من المعالم التاريخية والثقافية ما يجعلها واحدة من أغنى الدول في المتوسط.
فخارج المنتجعات السياحية، يجد الزائر معالم أثرية تأخذه إلى القرون الأولى. تعرّفه على تفاصيل الحضارات التي انطلقت من منطقة المتوسط وغزت العالم. القلاع والحصون، والجسور تروي تاريخاً عريقاً من مزيج الحضارات القديمة.
تعود تسمية جزيرة قبرص، إلى شهرتها بالنحاس ووجود كميات وافرة منه في البلاد، وهي الجزيرة الثالثة في منطقة البحر الأبيض المتوسط من حيث المساحة وعدد السكان بعد جزيرتي صقلية وسردينيا.
البداية من نيقوسيا
"نيقوسيا، باختصار هي قصة الحياة المعاصرة وأسطورة التاريخ القديم. مزيج من أطلال وأحياء وثقافة عصرية" بهذه الكلمات يمكن وصف العاصمة. فمن يقصدها يرى بوضوح هذا المزيج بين الماضي والحاضر.
تقول كايت ماكولي، صاحبة مدونة "كايت أدفنتشرز" Kate adventures: "لقد سحرتني المدينة، من خلال معالمها الطبيعية، حداثتها، أسواقها الشعبية البسيطة، وطاقة مجتمعها المحلي".
تبدأ الجولة في المدينة من خلال التعرف على آثارها، والبداية من متحف دير كيكوس، وهو واحد من أهم معالم السياحة، يضم مجموعة نفيسة من الرموز والسفن المقدسة والمخطوطات والآثار القبرصية والقطع الذهبية النادرة والثمينة والتي يقدر عمر بعضها بأكثر من 500 عام.
ثم ينتقل الزائر إلى بوابة كيرينيا التاريخية المبنية عام 1567 على يد الإيطاليين، وكانت موصولة بسور كبير، وتعد رمزاً من رموز البلاد. كما يقصد السائح أسواقها التقليدية، والتي شكلت فرصة للاحتكاك بالسكان. وقبل مغادرتها، ننصحك بتذوق بعض المأكولات ومنها أطباق الجبن المقلي.
ليماسول الساحلية
تعتبر هذه المدينة واحدة من أفضل الوجهات الشاطئية المميزة، نظراً لما تمتلكه من شواطئ رملية مذهلة، ومنتجعات سياحية مميزة.
ويُنصح بزيارة الجانب الشرقي من خليج إبيسكوبي لاكتشاف أجمل المواقع الشاطئية في المدينة وقضاء يوم على شاطئ باتون أو شاطئ كوريون، والقيام بتجربة الغوص، أو الإبحار عبر المراكب الشراعية. كذا، تعتبر ليماسول مكانا مذهلاً للمأكولات البحرية، ولذا، محبي الأسماك، عليكم التوجه إلى الجانب الآخر من المدينة، حيث مئات المطاعم الشعبية على شاطئ داسودي والمرسى الجميل.
بعد غروب الشمس، لابد من القيام بنزهة أو رحلة قصيرة بسيارة أجرة إلى Boulevard Georgíou tou Prótou حيث ستجد أفضل المقاهي، والحانات للسهر والاحتفال.
ولا تفوّت فرصة زيارة مدينة ليماسول القديمة، حيث ستجد قلعة ليماسول في الساحة الرئيسية والعديد من مناطق الجذب الأخرى مثل المسجد الكبير وكاتدرائية ليماسول.
الدقة في لارنكا
في مدونة "فورك أند فود" fork and foot، يشير الثنائي كارين وأندرويه إلى أن زيارتهما الى مدينة لارنكا القبرصية، شكلت منعطاً اخر لمفهوم السياحة، نظراً لما تتمتع به من سحر خاص. المدينة ليست كبيرة جداً أسوة بباقي المدن، لكنها غنية بالمعالم الطبيعية، ما يجعلها مدينة الهدوء والسلام. تقول كارين "يعتبر الكثير من السياح، لارنكا، ميناء للدخول إلى قبرص، أو محطة توقف عابرة قبل الانتقال إلى الأضواء الساطعة في أيا نابا وبروتاراس، لكنها في الحقيقة، أعمق بكثير".
المدينة تحتوي الكثير من مناطق الجذب السياسي، والتي ترضي كافة الأعمار والأذواق، من الآثار القديمة والشواطئ الرملية، والشلالات المائية، إضافة إلى أنها تحتوي واحدة من أغرب البحيرات في العالم، وهي بحيرة الملح، والتي تستقطب أكثر من 10 آلاف طير فلامنغو، ما يجعلها تبدو أشبه بلوحة فنية.
الترفيه والتسلية
لا يمكن زيارة قبرص دون تخصيص وقت لزيارة مدينة أيانابا الواقعة في المنطقة الجنوبية الشرقية للجزيرة. ببساطة، لأنها تلقب بـ"جنة" الجزيرة القبرصية، فهي من أكثر المدن استقبالاً للسياح في العالم، نظراً لطبيعتها، وأجوائها الفرحة، كذا تعتبر منطقة مثالية للاستجمام برفقة الطبيعة الشاطئية، حيث تتنوع النشاطات الترفيهية، من السباحة إلى الغوص، وركوب الأمواج، الصعود في المنطاد.
وتعد المدينة حاضنة لأكبر المدن المائية الترفيهية، فلا يخلو أي فندق أو منتجع سياحي من الألعاب المائية، حيث يقضي الصغار والكبار أوقاتا ممتعة ومسلية. وفي المساء، تقام على شواطئها أمسيات فنية وغنائية، ولذا فهي وجهة محببة للشباب.
وقبل وداع قبرص، ننصحكم بزيارة قرية بلاتريس الجبلية، إذ عادة ما يحبذ السياح قضاء أوقات ممتعة في غابات الصنوبر الكثيفة، بعيداً عن ضوضاء المدينة، وتناول الأطعمة الريفية، ومنها أطباق اللحوم المشوية.
الوجه الآخر
صحيح أنّ الأزمة الاقتصادية العالمية أثرت بشكل كبير على اقتصاد جزيرة قبرص، لكن الجزيرة تمكنت من استعادة عافيتها، وهي اليوم واحدة من الاقتصادات الناشئة. يعتمد الاقتصاد القبرصي بشكل لافت على القطاع الزراعي، إذ إن أكثر من 50% من تعداد السكان يعملون في قطاع الزراعة، أو قطاعات رديفة أو مساعدة، كتصينع المواد الغذائية.
كما يتعبر القطاع الصناعي واحداً من القطاعات المزدهرة، ومن أبرز المنتجات الصناعية، المنتجات الكيميائية. كما تمتلك البلاد، وبفضل موقعها الجغرافي، عددا من الموانئ الهامة، فضلاً عن كونها وجهة سياحية عالمية خاصة في فصل الصيف.
وتُعد الرحلة إلى قبرص، مكلفة نوعاً ما في فصل الصيف نتيجة ارتفاع الطلب عليها، حيث ترتفع أسعار الفنادق مقارنة مع باقي الفصول. أما في فصلي الشتاء والربيع، فإن قبرص تعد من الوجهات الرخيصة جداً.
تبدأ تكاليف الإقامة في الفنادق المطلة على الشاطئ بـ 70 دولاراً في الليلة الواحدة، وترتفع بحسب تصنيف الفندق، كما أن تكاليف المأكل والمشرب ليست سهلة نوعاً ما خاصة في الفنادق، لذا ينصح دائماً بتناول الأطعمة في المطاعم الخارجية، خاصة المطاعم المطلة على البحر لأن أسعارها تعد مقبولة نسبياً.
أما بالنسبة إلى وسائل النقل، والانتقال من مدينة إلى أخرى، فهي متوفرة وذات جودة عالية، حيث يمكن الاستفادة من تطور البنى التحتية وشبكة المواصلات المتطورة كالقطارات أو المترو للانتقال من مكان إلى آخر.