قبائل البوشمون

30 ديسمبر 2016
قُدِّرعدد سكان قبائل السان بنحو 60 ألف شخص (Getty)
+ الخط -
لا تزال بعض الشعوب الأفريقية الأصلية تعيش حياتها التقليدها كما عاشها أجدادهم منذ آلاف السنين. يقاومون الحداثة والتحضُّر، ويميلون إلى العزلة والتشبّث بموروثاتهم ومقدساتهم. قبائل السّان أو البوشمن أحد هذه الشعوب التي قاومت جهود المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية في التوطين والتسكين. يُطلَق عليهم أيضاً شعب الأدغال والباساروا، وهم جزء من السكان الأصليين البدائيين في جنوب القارة السمراء التي تمتد أراضيها بين بوتسوانا وناميبيا وأنغولا وزامبيا وزيمبابوي وليسوتو وجنوب أفريقيا. ويتكوَّنون من الإنديجوز، ويعتمدون على الصيد وجمع الثمار في حياتهم البدائيّة.
لا يزال السان يستخدمون أدوات أسلافهم للصيد والطهي والفنون أيضاً، وهي نفس أدوات إنسان ما قبل التاريخ البدائي التي عُثر على صورها منحوتة منذ آلاف السنين في الكهوف الأفريقية. وهم مجموعات من القبائل الرحل، ولكن ترحالهم ليس للرعي بحثاً عن الكلأ والمرعى، فهم يتبعون الماء والحيوانات التي يصطادونها والنباتات الصالحة للأكل من دون رعي أو زراعة.
في تعدادٍ لشعب السان أجرته منظمات معنية منذ سنوات قلائل في بوتسوانا، قُدرت أعدادهم بنحو 60 ألف شخص. ويعيش الكثير منهم في مناطق متفرقة مختلفة اللغات، فالفوارق اللغوية بين قبائل السان كبيرة. وبالرغم من جهود الحكومات والأمم المتحدة في ما بين الخمسينيات والتسعينيات لتحويل السان إلى شعب زراعي يستقر في الأرض ويستثمرها؛ فإن الطباع البرية والبدائية لمعظم هذا الشعب أبت أن تستسلم لذلك، وحافظت على طبيعتها الترحالية وتقاليدها القبلية وأدواتها التي يقدسونها، حتى علاجاتهم واستخدامهم الشعوذة وفنون العلاج الروحي فإنهم يتوارثونها جيلاً وراء جيل.
نظام القرابة في شعب السان يعكس ترابطهم واعتمادهم على بعضهم بعضاً، فهم مجموعات عائلية صغيرة. ويمكن مقارنة نظام القرابة في قومية السان بقبائل الإسكيمو، وبنفس نظام الثقافات الأوروبية القديمة، فالألقاب والعمر لهما عامل كبير في الترتيب داخل القبيلة والعائلة. عامل السنّ يحلّ أي مشكلة أو التباس ينشأ بين القرابة، وكبار السنّ المختارون هم من يحددون واجبات الشباب ويقودونهم.
الأسماء في السان من النطاقات التي لم يمسّها التطوّر أيضاً، فهي تتكوّن من نحو 35 اسماً فقط لكل جنس، والأطفال تطلق عليهم أسماء أجدادهم أو أقاربهم المفضلين. ولا يتحمّل الأطفال أي واجبات اجتماعية سوى اللهو واللعب، كما أن الترفيه والموسيقى والرقص
من الأمور المهمة جداً. ويمضون الكثير من الوقت في الحوار والحديث والمزاح والموسيقى والرقصات المقدسة. وللمرأة السانية مكانة عالية في المجتمع، وأحياناً تكون المرأة هي قائدة العائلة، كما أنّ معظم قرارات الأسرة تتخذها النساء. وهنّ مَن يطالبن بالحقوق مثل حق ملكية آبار الشرب وأماكن الرعي، ويشارِكن في جمع الطعام بصورة أساسية، كما يمكن أن يشاركن في عمليات الصيد.
وتراوح الأماكن التي يعيشون فيها ما بين ملاجئ مؤقتة تحميهم من المطر، وأخرى يقيمونها في ليالي الربيع الدافئة عندما يتنقّلون ارتحالاً للبحث عن الخضروات الطازجة، إلى الدوائر السكنية المعروفة التي يتجمع فيها الناس في موسم الجفاف حول آبار المياه الدائمة التي يملكونها. لكن يبقى الترحال هو الأصل دائماً؛ فهم مثل قطعان الحياة البرية في أفريقيا، فحيثما حل الحيوان والثمار يذهب السّان.

المساهمون