قانون عراقي "ملغوم" يهدّد حرية التظاهر السلمي

26 يونيو 2019
تشهد البصرة شرارة تظاهرات للمطالبة بالخدمات (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

يثير قانون "حرية التعبير" الذي يسعى البرلمان العراقي لتمريره، خلال جلساته المقبلة، مخاوف من أن يكون طوقاً على رقاب المتظاهرين السلميين.

ودعت جهات ومنظمات حقوقية إلى عدم تمرير القانون بصيغته الحالية، مشيرة إلى أنّ مواد القانون غير واضحة ويمكن استغلالها كـ"ألغام" سياسية لفرض قيود وعقوبات على التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي.

وفي جلسة الإثنين التي عقدها البرلمان العراقي، تمت القراءة الأولى للقانون، بينما يعتزم البرلمان تمريره خلال الفترة القصيرة المقبلة.

وبحسب "المركز العراقي لدعم حرية التعبير" (حقوق)، فإنّ "القانون يشكّل مخالفة واضحة للدستور، وشرعنة للدكتاتورية وقمع الحريات، في وقت وضع على أساس صونها".

وقال المركز، في بيان صحافي، إنّ "القانون ينطوي على عدد كبير من البنود التي لا تتوافق مع الدستور النافذ، ولا تتوافق مع التزامات الدولة العراقية تجاه الاتفاقات الدولية التي وقعت عليها، ما يضعف قدرة هذه القوانين على صون الحريات".

وطالب المركز أعضاء البرلمان، بـ"أن يتذكروا أنّ معظم مواد القانون تتضمّن غموضاً مفرطاً وتناقضاً مباشراً مع الدستور، ما يفتح الباب للاعتداء على الحريات المدنية في العراق"، مؤكداً رفضه لتمرير القانون، وداعياً رئيس الجمهورية برهم صالح إلى "حماية الدستور من اختراق البرلمان عبر تنفيذ قوانين تقييد الحريات".

وتعدّ بعض مواد القانون مثيرة للجدل، ويمكن استغلالها لقمع الحريات وتقييدها، إذ إنّها غير واضحة الحدود، ويحذّر سياسيون مدنيون من تمرير القانون بصيغته "القمعية" هذه.

وقال طه العلي عضو الحزب "الشيوعي" العراقي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إنّ "الهيكل العام والصياغة العامة للقانون في ظاهرها تدعم حرية التعبير، لكن الخطر يكمن في المواد وتفسيرها، فهي ألغام تهدد التعبير السلمي وحق التظاهر".

وأوضح أنّ "إحدى فقرات القانون حددت وقت الخروج بالتظاهرات، ومنعها من الخروج ليلاً، ما يعني أنّه بمجرد غروب الشمس سيكون المتظاهر تحت طائلة القانون، ولا تعد التظاهرات حينها سلمية".

وأشار العلي إلى أنّ "مادة أخرى في القانون تفرض عقوبة بالسجن والغرامة المالية تحت مسمى إذاعة أو نشر دعاية للحرب أو الأعمال الإرهابية أو الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية أو الطائفية، وهذا كله على إطلاقه لا توجد له حدود معينة، وهو شبيه بالمادة (4 إرهاب) التي استخدمت لقمع الخصوم في السابق، حيث إنّها قابلة للتأويل والتحليل، وفقاً لرؤية الجهات القانونية".

كما لفت إلى أنّ "الكثير من المواد في القانون مشابهة لهذه المادة، وهي بمثابة قنابل موقوتة، يسهل استخدامها بحسب وجهات النظر، وهذا هو الخطر الحقيقي على حرية التعبير فيها"، محذراً من أنّ "تلك المواد ستكون سيفاً مسلّطاً على رقاب العراقيين من ناشطين ومتظاهرين سلميين".

وشدد العلي على "ضرورة عدم تمرير القانون بهذه الصيغة، وضرورة تعديل فقراته بحيث تكون واضحة الحدود، وغير قابلة للتأويل".

في المقابل، دعت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، إلى "تطبيق مبدأ الديمقراطية ومضامين حقوق الإنسان وضمان الحريات"، داعية، في بيان صحافي، إلى "المضي بإجراءات استكمال خطوات مشروع قانون حرية التعبير، للخروج بصيغة نهائية للتصويت عليه".


ويأتي القانون في وقت يشهد فيه العراق، تظاهرات، احتجاجاً على تردي الخدمات، بدأت شرارتها، قبل أيام، في محافظة البصرة، بينما تسعى الجهات المنظمة للتظاهرات إلى توسيعها لتشمل عدّة محافظات.

والصيف الماضي، شهدت العاصمة العراقية بغداد، والمحافظات الجنوبية في البلاد، موجة تظاهرات شعبية، خرجت بداية في البصرة، وذلك احتجاجاً على سوء الخدمات وازدياد البطالة وتفشي الفساد، قابلتها القوات الأمنية بالقوة، ما تسبب بمقتل وإصابة مئات العراقيين، بينهم أطفال.

وأكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في يوليو/تموز الماضي، أنّ القوات العراقية "استخدمت القوة القاتلة والمفرطة إلى حد كبير" ضد المتظاهرين، ودعت القوات العراقية، إلى تنفيذ القانون وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة الأساسية، بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية.

المساهمون