قانون تنظيم عمل الفنان في المغرب: جريمة بحق الفنانين؟

05 مارس 2016
وجه الفنانون رسالة لبنكيران لإنصافهم (Getty)
+ الخط -
على الرغم من تأكيد المراقبين أن المصادقة على مقترح قانون ينظم عمل الفنان في المغرب خطوة "إيجابية"، إلا أن عدداً من الفنانين عبروا عن رفضهم للصيغة الحالية للنص، وطالبوا رئيس الحكومة بالتدخل لإنصافهم.

وأطلقت مجموعة من الفنانين عريضة إلكترونية، موجهة إلى كل من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، ورئيسي غرفتي البرلمان رشيد الطالبي العلمي وحكيم بنشماس، يعلنون فيها "رفضهم التام للصيغة التي اعتمدت في تغيير وتتميم قانون الفنان رقم 99.71"، وذلك  لكونها "جاءت مجحفة في حقهم ومتنكرة لتاريخهم وتضحياتهم من أجل تأسيس وإشعاع الحركة الثقافية في البلاد".

ويأتي رفض أصحاب العريضة للقانون بسبب ما أسموه بـ"الحيف والتنكر في تصنيفهم كعرضيين، وتكريس منطق الريع الفني بما يخدم بالدرجة الأولى الموظفين بقطاعات مهنية أخرى والمنتسبين للمجال الفني"، والذين يستفيدون بحسب العريضة "من كل اﻻمتيازات اﻻجتماعية التي تضمنها لهم وظائفهم، وغير المتوفرة للفنانين المتفرغين للعمل الفني".

تبعاً لذلك، شدد المصدر ذاته على أن الصيغة الحالية للنص القانوني "مطعون فيها"، بالنظر إلى تكريسها لـ"الجمع بين الوظائف واستغلال المال العام بطرق يمنعها القانون"، وهو ما جعل الفنانين يطالبون رئيس الحكومة المغربية بالتدخل لـ"إحقاق حقنا وذلك من خلال رفض الصيغة المقترحة للقانون المذكور، وإعادة تعديلها وتتميمها بما يضمن حقوقنا ويصون كرامتنا كفنانين مغاربة متفرغين دون إقصاء منا للموظفين المنتسبين لمجاﻻتنا الفنية".

من جهتها، تؤكد حسناء البدوي، إحدى الرافضين للقانون المذكور، على أن تحفظات الفنانين على النص لا تقتصر على "تكريسه للريع الفني"، بقدر ما أنهم "يعارضون القانون بصفة عامة، بالنظر إلى أنه قد صيغ في سرية تامة في دهاليز وزارة الثقافة بدون إشراك الفنانين المحترفين، إلى جانب أنه مُرّر في مجلس النواب على أنه مقترح لفرق الأغلبية"، تقول المتحدثة في تصريحات لـ"العربي الجديد"، شددت خلالها على أن المقترح "كُتب بطريقة غير قانونية، بالنظر إلى أنه ألغى الاعتراف بالفنان المحترف، أي الفنان الذي يكون فنه مصدر رزقه الوحيد".

واستنكرت المتحدثة عدم تخصيص مقتضيات صارمة في ما يتعلق ببطاقة الفنان "التي تمنح لمن هب ودب، وتمنح للموظفين والمعلمين والمتقاعدين، وحتى لأناس لا علاقة لهم بالميدان الفني"، وهو ما اعتبرته البدوي "جريمة في حق هذا المجال، لضرورة تخصيصها للمحترفين فقط"، تقول المتحدثة، مطالبة في هذا السياق بضرورة توفير هذه البطاقة للحقوق المهنية والاجتماعية للفنان، وهو الأمر الغائب أيضاً في القانون الجديد، "فلا يعقل أن يشتغل الفنان طيلة حياته ولا يتوفر على تغطية صحية أو تعويضات عن العجز، ولا يستطيع حتى الحصول على تقاعد"، تقول المتحدثة.

ووصفت البدوي، النص الجديد بـ"الجريمة"، مشددة على ضرورة تصنيف الفنانين، والتفريق بين الفنانين المحترفين الذين يعيشون من فنهم، والفنانين المنتسبين الذين يزاولون مهنة أخرى.

ولم تستبعد الفنانة أن يقدم رافضو القانون على خطوات احتجاجية تصعيدية في حال عدم تحقيق مطالبهم، مؤكدة أن "النضال حول هذا الموضوع سيستمر في عهد هذه الحكومة والحكومة التي تليها لأن الأمر يتعلق بمستقبل أجيال من الفنانين"، على حد تعبير البدوي.

وقد صادق مجلس النواب المغربي، مؤخراً على مقترح قانون يلزم الحكومة المغربية بتوفير ظروف العمل الملائمة للفنانين، وكذا الحماية الاجتماعية لهم، ويلزم السلطات العمومية في البلاد بـ"توفير الظروف المناسبة لعمل الفنانين وتمكينهم من آليات الاشتغال ووسائل الدعم وبنيات الاستقبال والتكوين، والحماية الاجتماعية الملائمة لشغلهم والمكافأة المعادلة لجهودهم لضمان عيشهم بكرامة"، حسب ما جاء في ديباجة النص الجديد.

 

على صعيد آخر، يلزم القانون الحكومة بحماية الحقوق المعنوية والمادية للفنان، من خلال إصدار عقد نموذجي يحترم مجهود الفنان، ويحدد فيه الحد الأدنى للأجور، كما يخول الفنانين حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، فضلاً عن إلزام مشغليهم بتطبيق مقتضيات قانون الشغل.

إلا أن هذا النص يتضمن بالإضافة إلى ذلك مقتضيات تخص الفنانين الذين يتوفرون على وظائف في المؤسسات العمومية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً، حيث يستنكر معارضو هذه المقتضيات تقنين النص لظاهرة "الموظفين الأشباح".

 اقرأ أيضاً: مشاهير تعرضت حساباتهم للقرصنة

دلالات
المساهمون