في خطوة تهدف إلى المسّ بحرية التعبير وتقليص قدرة الفلسطينيين على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في إبداء مواقفهم، أقرّت الحكومة الإسرائيلية مشروع قانون يمنح الحكومة والجهاز القضائي الإسرائيلي الحق في فرض قيود على مضامين ما تنشره هذه المواقع.
ويخوّل القانون، الذي أطلق عليه اسم "قانون فيسبوك"، المحاكم الإيعاز لشبكات التواصل الاجتماعي بشطب مواد، تعتبرها سلطات الاحتلال الإسرائيلي "تحريضية".
وحسب القانون، الذي صاغه كل من وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان ووزيرة القضاء إيليت شاكيد، وتمت إجازته من لجنة التشريع الحكومية، فإنه يحق للمحاكم "اللوائية" في إسرائيل الطلب من الشبكات الاجتماعية والشركات المزودة للإنترنت بإزالة المواد ذات المضامين "التحريضية".
وحسب القانون، فإنه يحق للحكومة وكل مؤسسة أو جهة تنفيذية تمثلها، الطلب من المحكمة التدخل لإزالة أي مادة في حال ارتأت أنها تمثل "مخالفة جنائية وتشكل خطرا مباشرا على أمن شخص، او الجمهور أو أمن الدولة".
ويلزم القانون الشركات المزودة للإنترنت والتي تدير مواقع التواصل الاجتماعي بتقديم معلومات سرية حول الأشخاص المتهمين بـ"التحريض" لكي يتم الاستناد إليها عند محاكمتهم، مع الالتزام بعدم الكشف عن هوية الشركات التي قدمت هذه المعلومات. وقد جاء سن هذا القانون على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية قد توصلت في آب/أغسطس الماضي لاتفاق مع إدارة فيسبوك يقضي بمحاربة المضامين ذات المحتوى التحريضي.
وعلى أثر هذا الاتفاق حذف "فيسبوك" العشرات من الصفحات التي تعنى بالقضية الفلسطينية وتمثل حركات ومؤسسات نقابية وإعلامية فلسطينية، بحجة أنها تنطوي على "التحريض". وقد قد تم التوصل للاتفاق مع فيسبوك بعد سلسلة لقاءات تمت بين أردان وشاكيد وممثلي "فيسبوك".
ومن المرجح أن يفضي تطبيق القانون الجديد إلى المس بحرية التعبير ليس فقط لعامة الفلسطينيين، بل أيضاً ليقلص هامش المناورة أمام النواب العرب في البرلمان الإسرائيلي ومنعهم من التعبير عن مواقفهم السياسية.
فقد طالب وزير الأمن الداخلي يغآل أردان، الأحد، المستشار القضائي للحكومة بالتحقيق مع النائب حنين الزعبي لأنها كتبت منشورا على صفحتها على "فيسبوك" اتهمت فيه مصلحة السجون الإسرائيلية بتعمد الإهمال الطبي للأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، الذين يعانون من أمراض مزمنة حتى لا يكون بالإمكان إنقاذ حياتهم. ونقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية الليلة الماضية عن أردان قوله أن ما كتبته النائب حنين هو محض "تحريض".
وفي المقابل تتجاهل سلطات الاحتلال وإدارة "فيسبوك" المضامين التحريضية التي تنطوي عليها المنشورات باللغة العبرية. فقد لفت أحمد الطيبي، النائب العربي في الكنيست نظر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، إلى أن التحريض على العرب في مواقع التواصل الاجتماعي يتواصل بدون أية معوقات.
وأشار الطيبي تحديدًا إلى منشور كتبه أحد ناشطي التنظيمات اليمينية اليهودية المتطرفة على حسابه على الفيسبوك، حيث دعا المنشور إلى حرق البلدات والقرى الفلسطينية، لأن الفلسطينيين عبروا عن فرحهم عندما اندلعت الحرائق في إسرائيل. وإلى جانب تفعيل القانون، فإن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وتحديدا جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك" يقوم بمتابعة ما يتم نشره على مواقع التواصل الاجتماعي ويقوم باعتقال واستدعاء المئات من الشباب الفلسطينيين بحجة أن المناشير ذات مضامين تحريضية.
وقد جاء التحرك الإسرائيلي غير المسبوق ضد مواقع التواصل الاجتماعي في أعقاب اندلاع موجة عمليات المقاومة في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، والتي تمثلت في شن عمليات الطعن والدهس.
وقد عزت الأجهزة الأمنية هذه الموجة إلى التأثير "الطاغي" لمواقع التواصل الاجتماعي والتي قلصت الحاجة إلى وجود بُنى تنظيمية تشرف على العمل المقاوم. وتزعم المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن بعض منفذي عمليات الطعن والدهس قد لم!حوا إلى نيتهم تنفيذ مثل هذه العمليات من خلال كتابة مناشير على "فيسبوك".