قابلات اليمن إلى الحياة

25 يوليو 2015
الحرب عطلت عدداً من المرافق الصحية (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

في المناطق اليمنية التي تُعاني بسبب الحرب، أو في الأرياف النائية، عادة ما تتأثّر صحة العديد من الحوامل والمواليد أثناء الولادة يومياً. الأسباب متعدّدة، منها انعدام الرعاية الصحية وصعوبة التنقل. وتلجأ النساء إلى القابلات، علماً أن عملهن تضاءل أخيراً بسبب ارتفاع مستوى وعي الأفراد حول الصحة الإنجابية ودورها في سلامة الحمل والولادة، وزيادة خدمات هذا القطاع من قبل الحكومة والمنظمات الدولية خلال السنوات الأخيرة.

وأدّى توقّف الخدمة الصحية في عدد من المحافظات إلى وفاة زوجة سالم الفضلي وجنينها في منطقة ذي ناخب في محافظة لحج (جنوب) بسبب تعرّضها لمضاعفات أثناء عملية الولادة على يد القابلة أم عصام. حاول الزوج إسعافها ونقلها إلى مستشفى خاص يبعد 60 كيلومتراً عن القرية.
يقول الفضلي لـ "العربي الجديد": "واظبت زوجتي على زيارة المركز الطبي الحكومي خلال فترة حملها. وكانت المؤشرات مطمئنة. غير أن الحرب الدائرة في المحافظة عطّلت جميع المرافق الصحية الحكومية القريبة فيها، ما جعلني ألجأ الى خدمات أم عصام التي كانت قد توقفت عن مهنتها قبل حوالى عشر سنوات". النتيجة كانت موت زوجته وطفله، لافتاً إلى أن أم عصام ولّدت عدداً من النساء في المنطقة، وقد توفي بعضهن أو عانين من مشاكل صحية بعد الولادة.

وبسبب انعدام الوقود ووعورة الطريق، اضطر أمين سعيد إلى استدعاء القابلة الشعبية في قريته في منطقة سامع، إحدى مناطق محافظة تعز (وسط)، لتوليد زوجته. وعانت زوجة سعيد من "ناسور الولادة"، بسبب استخدام أدوات التوليد غير المعقّمة. يقول: "لولا انعدام الوقود في المحافظة التي تشهد حرباً منذ أربعة أشهر، لتمكنت من أخذ زوجتي إلى مستشفى خاص في مدينة الراهدة، الذي يبعد حوالى 40 كيلومتراً عن سامع، ولما لجأت إلى القابلة".

وتقول المدربة في المعهد الصحي في العاصمة صنعاء نجلاء الشيباني لـ "العربي الجديد" إن "الولادة الآمنة تتطلب مراقبة طبية للحامل طوال فترة الحمل"، مشيرة إلى أن استدعاء القابلات القانونيات نتيجة ظروف الحرب الحالية أدت إلى معاناة أو وفاة الحوامل. وتشرح أن القابلات لا يحرصن على التأكد من تعقيم أدوات التوليد "ما زال البعض يستخدمن الخيوط والسكاكين ومقصّات المطبخ بعد غسلها من دون تعقيمها لمنع حدوث التهابات بعد الولادة".
من جهتها، تشير رئيسة الجمعية الوطنية للقابلات اليمنيات سعاد صالح إلى أن الجمعية دربت منذ أكثر من عشر سنوات حوالى 6000 قابلة بدعم من مؤسسات حكومية ومنظمات دولية. إلا أن الجمعية لم تعد تستقبل أي دعم منذ مطلع العام الجاري بسبب الأحداث، لتتوقف نشاطات تدريب القابلات.
وتؤكد صالح لـ "العربي الجديد" أن هذا العدد ما زال متواضعاً نظراً إلى وجود حوالى 3900 حالة ولادة يومياً، ما يعني أن توقف تأهيل القابلات ينعكس على حياة الحوامل والمواليد.

وتؤكد وكيلة وزارة الصحة لقطاع السكان نجيبة الشوافي أن 15 في المائة من عمليات الولادة تعاني من مضاعفات، تكون 6% منها قابلة للعلاج من قبل القابلات المتدربات، و9% لا يمكن معالجتهن إلا في المستشفيات.
تضيف الشوافي لـ "العربي الجديد" أنه "لا يمكن التنبؤ بالحالات التي ستصاب بمضاعفات، لذلك ينبغي توليد جميع الحالات بواسطة كوادر طبية متدربة، وهم الأطباء والقابلات والممرضات اللواتي حصلن على التدريب"، مؤكدة على أهمية استمرار تحسين مهارات القابلات في مختلف المناطق اليمنية ليتمكنّ من المساهمة في خفض وفيات الأمهات وحديثي الولادة. وتهدّد تداعيات الحرب القائمة بتدمير النجاح الصحي الذي حققته اليمن طيلة السنوات الماضية.

500 امرأة فقدن حياتهن

كان معدل وفيات الأمهات قد انخفض من 365 إلى 148 (من بين مائة ألف عملية ولادة)، علماً أن النسبة الأولى تعدّ من أعلى النسب في العالم. وكان تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) أكد حرمان 4.7 ملايين شخص من خدمات الصحة الإنجابية، مشيراً إلى أن 257 ألف امرأة لم يستطعن الوضع بشكل صحي، عدا عن وفاة حوالى 500 امرأة منذ بداية الحرب.

اقرأ أيضاً: مسنّو اليمن تحت القصف
المساهمون