قائمة فوربس.. التكنولوجيا والجنسية الأميركية تسيطران

04 ابريل 2017
(بيل غيتس ووارن بافيت، تصوير: سبنسر بلات)
+ الخط -

"إذا سقطت ورقة 100 دولار من بيل غيتس، فلا يحتاج لأن يلتقطها حيث إن معدّل أرباحه تعود له بحدود 114 دولارا في الثانية"، هذه الدعابة الساذجة التي تحاول تبسيط ثروة غيتس وتقريبها للحياة اليومية قد تكون صحيحة قبل خمسة أعوام، لكن الرجل الذي أنفق أكثر من 25 مليار دولار على الأعمال الخيرية، لا يزال يصعد في أرقامه البنكية وتزداد ثروته اضطرادًا مما حدا الدراسات إلى توقّع أن يُصبح أوّل تريليونير بعد 25 عاما.

بالإمكان تجسيد الثروة التي نتكلّم عنها هنا، باحتلال غيتس المركز 37 إذا تنافس مع ميزانيات الدول، وبصورة أدقّ فإن ثروات الرجال الثمانية الأغنى في العالم تساوي القدرة المالية لـ 3.6 مليارات من البشر؛ ممن يشكّلون النصف الفقير في الكوكب بحسب منظمة أوكسفام.

تصدّر بيل غيتس ترتيب مجلة Forbes في ترتيب ثروات الأشخاص للمرّة الرابعة على التوالي، والثامنة عشرة منذ البدء بإصدار القائمة خلال 23 عامًا، وتقدّر ثروة مؤسّس شركة مايكروسوفت بـ 86 مليار دولار، بارتفاع يقدّر بـ 11 مليار دولار عن العام الماضي، رغم تركه للعمل اليومي في شركة مايكروسوفت منذ 2006، ثم تنازله عن رئاسة الشركة والاكتفاء بمنصب مستشار تقني قبل ثلاثة أعوام. وبهذا يتغلّب غيتس على الملياردير وارن بافيت، الذي قدّرت ثروته بـ 75.6 مليار دولار.

تلوح في القائمة التي أصدرتها Forbes، سيطرة ذوي الجنسية الأميركية وخصوصًا العاملين في المجال التقني، بوجود مؤسّسي موقع أمازون وفيسبوك في المركزين الثالث والخامس على الترتيب؛ ليكون مارك زوكيربرغ أصغر المتواجدين في المراكز العشرة الأولى بثروة تصل إلى 56 مليار دولار. بينما أتى مالك شركة زارا للألبسة "أمانتشيو أورتيغا" في المركز الرابع، ليكون أغنى رجل غير أميركي في القائمة، واستمر تراجع المكسيكي كارلوس سليم الذي كان قد احتل المركز الأوّل لمدّة أربعة أعوام آخرها كان عام 2013، ليصل إلى المركز السادس بثروة 54.5 مليار دولار.

تشكّل ثروة العرب في القائمة ما يصل إلى 78.1 مليار دولار، موزّعة على 16 شخصية؛ أغناها الأمير الوليد بن طلال بـ 18 مليارا في المركز 55، مع غياب كامل للنساء العربيات في القائمة التي تختصّ بالثروات التي تتجاوز المليار دولار.

سجلّت القائمة هذا العام عدّة مفارقات، أهمّها ارتفاع عدد أعضاء نادي المليار إلى 2043 شخصا، ليتجاوز عددهم الألفين لأوّل مرّة، ووصل مجموع ثرواتهم إلى 7.67 تريليونات دولار بمتوسّط قدره 3.75 مليارات؛ وزيادة قدرها 1.17 تريليون عن العام الماضي.

شهد عدد الشبان دون الـ 40 عامًا في القائمة انخفاضًا ليصل إلى 56 شخصية، بعد أن كانوا 66 في العام الماضي، نظرًا لبلوغ عدد منهم عمر الأربعين، فيما بقيت ألكسندرا أندريسن (21 عامًا) للعام الثاني على التوالي، كأصغر ملياردير في العالم بعد تقسيم ثروة العائلة عليها وعلى أختها الكبرى.

هذه الهوّة داخل جيل الألفية الجديدة، تنقسم مفرزة عاملين؛ فمن جهة يعاني هذا الجيل عالميًا تحت وزر قروض التعليم إضافة لانتشار البطالة والفقر، ومن ناحية أخرى يوجد أكثر من 5 ملايين مليونير تحت الـ 35 في العالم، ما يقارب 23% من العدد الكلي لنادي المليون دولار، معظمهم ذوو ثروة ذاتية ويعملون في المجال التقني، وبحسب مركز شولمان للدراسات 49% من الشباب الذين يتقاضون أكثر من 100 ألف دولار سنويًا يعتزمون زيادة أرقامهم البنكية، دون أن يلتزموا بمظاهر البذخ المعتادة لدى الأثرياء، مبتعدين عن حيازة العقارات أو الطائرات الخاصة وغيرها من الممتلكات مثل ساعات الروليكس، وأقرب لاتجاه الإنفاق على العطل والتجارب التي تنطوي على الإثارة في مضامينها؛ لكون صلتهم مع العالم تجري عبر قنوات التواصل الاجتماعي، مع اعتزامهم البقاء مستقلّين ماديًا دون الانخراط في المؤسّسات الكبرى والتعقيدات القانونية والضرائبية.

وبالعودة لـ غيتس، الذي يحارب الأمراض المدارية والفقر عبر مؤسّسته الخيرية إضافة لاهتمامه بقضية الاحتباس الحراري، يوضّح الرجل أن مشروعه الحالي هو الحفاظ على الحضارة البشرية، وصولًا للعام 2035، حيث لن يكون هناك دول فقيرة في العالم حسب رسالة مؤسّسته الخيرية عام 2014.

في المقابل ارتفعت ثروته - غير المقيّدة في المؤسّسة - التي كانت إبّان تركه لمايكروسوفت 50 مليار دولار وبحسب النمو السنوي المقدر بـ 11%، تبنى التوقّعات على أن يصل 213 مليارا بعد عقد من الزمن، ثم 605 مليارات ليتخطّى التريليون قبل 25 عامًا، دون أن يكبح تمويله الكثيف لمؤسّسة "بيل وميليندا غيتس" الخيرية من عجلة التضاعف في أرقامه البنكية؛ بمعادلة بسيطة فإن الرجل لا يستطيع الإنفاق أو التبرّع بقدر ما يكسب، وهنا تكمن مشكلة الأثرياء الجديدة بأن تتوقّف عن زيادة ثرائك.

سبق وصرّح بيل غيتس، أن ثروته ستذهب بعد وفاته إلى الأعمال الخيرية دون أن يستفيد منها أبناؤه "لأن كمية المال هذه قد تكون مشتتة" بحسب تعبيره، فهل ستكفي هذه الأموال التي تتضاعف أثناء قراءة هذه السطور للحفاظ على الحضارة البشرية؟

الجدير بالذكر أن الترتيب يختص بثروات الأفراد، ولا تدخل ثروات العائلات أو الديكتاتوريات والعائلات الملكية في حسابات المجلّة كون مكتسباتهم قد أتت من مواقعهم، وضمن دونالد ترامب الظهور في القائمة رغم تراجعه 200 مركز في الترتيب بثروته المتواضعة 3.5 مليارات دولار؛ ليكون في المركز 544، ما أطلق عليه سيل من التهكمات على مواقع التواصل الاجتماعي باعتباره مليارديرا دون الوسط.

المساهمون