تعهد قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح باستمرار الجيش في دعم القضاء حتى ملاحقة كامل المتورطين في قضايا الفساد، مهما كانت مناصبهم في الدولة والجيش، كاشفاً أن المؤسسة العسكرية بحوزتها ملفات فساد ثقيلة.
وقال أحمد قايد صالح في خطاب ألقاه أمام القيادات العسكرية في منطقة قسنطينة شرقي الجزائر إن "مصالح وزارة الدفاع الوطني تملك معلومات حول ملفات فساد ثقيلة"، لم يكشف عن طبيعة الأطراف المعنية بها، وأعطى الانطباع أن الأجهزة الأمنية والقضاء العسكري كانا يعملان منذ فترة على تجهيز وجمع الملفات والوثائق، ومتابعة قضايا فساد مالي تخص نهب المال العام والعقارات واستغلال النفوذ.
وكشف قائد الجيش الجزائري أن المؤسسة العسكرية كانت سباقة في ملاحقة عسكريين متورطين في قضايا فساد وسوء استغلال المنصب، وقال "نحن في الجيش لن نسكت وكنا السابقين لمحاربة الفساد من خلال إحالة إطارات عسكرية على القضاء العسكري، وسيبقى الجيش بالمرصاد وفقا لمطالب الشعب الملحة ولما يخوله الدستور".
وكان قائد الجيش يشير إلى ملاحقة القضاء العسكري لعدد من كبار القيادات في الجيش، بينهم قائدان بارزان، اللواء سعيد باي الذي تم توقيفه قبل أسبوع، واللواء الحبيب شنتوف الذي صدرت أوامر عسكرية باعتقاله.
وجدد المسؤول العسكري دعوته للقضاء وأجهزة العدالة للملاحقة الفورية للمتورطين مهما كانت مناصبهم، و"تفادي التأخر في معالجة الفساد بحجة إعادة النظر في الإجراءات، وسيتم تطهير بلادنا نهائيا من الفساد والمفسدين"، وأكد أن "قيادة الجيش قدمت ضمانات كافية ومرافقة جهاز العدالة في مهامها النبيلة بعدما تحررت من كل الضغوط، والجيش بالمرصاد وفقا لمطالب الشعب وما يخوله الدستور وقوانين الجمهورية".
وكان رئيس الحكومة الجزائري السابق أحمد أويحيى، قد مثل صباح اليوم الثلاثاء، أمام قاضي التحقيقات في محكمة سيدي امحمد، للاستماع لأقواله في حول قضايا فساد تتعلق به في فترة شغله لمنصبه.
وبدا أويحيى منكسرا وهو يهم بالدخول إلى المحكمة، للتحقيق معه في تهم "تبديد المال العام والحصول على امتيازات غير مشروعة"، تخص الحصول على عقارات في ضواحي العاصمة الجزائرية بطريقة غير مشروعة، والتسبب في بيع مؤسسات عمومية لمستثمرين دون وجه حق وبمبالغ أقل من كلفتها الحقيقية.
وكشفت تقارير ومعلومات متطابقة أن أويحيى مكن رئيس الكارتل المالي علي حداد ورجال أعمال نافذين من الحصول على مصانع وعقارات صناعية بطريقة غير قانونية وبأقل من كلفتها، ما تسبب في تبديد المال العام وخسارة للخزينة العمومية.
وشددت السلطات الجزائرية الإجراءات الأمنية في محيط المحكمة فيما تجمع عدد كبير من المتظاهرين الذين حمل بعضهم معهم علب "الياغورت والزبادي" في وجه أويحيى، على خلفية تصريح سابق له قال فيه إنه" ليس من الضروري على الجزائريين أكل الزبادي" ورددوا شعارات ضد أويحيى وطالبوا بمحاسبته على تورطه في الفساد ونهب مال العام وسوء إدارته، وهتفوا "كليتو. البلاد يا السراقين" وتعني (نهبتم البلاد يا لصوص).
وقال الناشط في الحراك الشعبي سمير بلعربي لـ"العربي الجديد" إن مثول رئيس الحكومة السابق أمام القضاء وملاحقته بتهم فساد هو انتصار للحراك الشعبي، ويكشف عن الوجه الحقيقي لرجال الحكم "العصابة التي كانت تحكم البلد والشعب وتنهب المال العام".
ويعد مثول أويحيى اليوم أمام المحكمة إجراء شكليا لكون المحكمة الابتدائية ليست مختصة في محاكمته بسبب صفته كرئيس سابق للحكومة، ويمنحه القانون الجزائري حق الامتياز القضائي والتحقيق معه حصرا من قبل قضاة في المحكمة العليا.
واستدعى القضاء في نفس القضية والتهم وزير المالية الحالي محمد لوكال بصفته محافظ بنك الجزائر السابق، والذي مثل للتحقيق أمام نفس المحكمة أمس الثلاثاء.
وهذه أول مرة يخضع فيها رئيس حكومة جزائري للتحقيق في قضايا فساد ويستدعى إلى المحاكمة، في سياق حملة فساد يلاحق فيها القضاء الجزائري عددا من رجال الأعمال البارزين بينهم علي حداد ويسعد ربراب، بعضهم من المرتبطين بمحيط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، كما تجري ملاحقة عدد من المسؤولين السابقين كوزير الطاقة السابق شكيب خليل ووزيري التضامن السابقين سعي بركات وجمال ولد عباس.
وفي السياق يمثل المدير العام السابق للأمن الوطني، عبد الغني هامل غدا الخميس أمام قاضي التحقيق لمساءلته في تصريحات أدلى بها في شهر يونيو الماضي بشأن قضية تهريب الكوكايين، وقبل أسبوعين دعا قائد الجيش الجزائري العدالة إلى إعادة فتح ملف قضية تهريب 701 من الكوكايين، وقبل أسبوع نفى اللواء هامل أية صلة له أو لسائقه الذي اتهم بأنه كان على صلة بصاحب الشحنة الموقوف في السجن كمال شيخي.