شكّلت المشاورات السياسية حول تعديل الدستور في الجزائر، فرصةً أمام الرئاسة الجزائرية، ممثلةً برئيس ديوان الرئاسة أحمد أويحيى، لاستقبال القائد السابق لـ"الجيش الإسلامي للإنقاذ" المنحل، مدني مزراق، لتكون هذه المرّة الأولى التي تستقبل فيها الرئاسة، قائداً لهذا التنظيم بشكل رسمي ومعلن، منذ التوقيع على اتفاق الهدنة مع "الجيش الإسلامي للإنقاذ" عام 1997، والذي قضى بتسليم عناصر "الجيش" أسلحتهم مقابل الاستفادة من عفو سياسي وقضائي.
وقال مزراق إنّه "أبلغ الرئاسة بمقترح صياغة ميثاق وطني شامل يجمع كل الجزائريين، يتفقون فيه على كل الخلافات التي أوصلتهم إلى الأزمة التي عشناها جميعاً، ويوحّدون من خلاله المفاهيم والمصطلحات ويتفقون على أرضية موحدة صلبة". وأكدّ "أنّ هذا الحوار الشامل والعميق يسمح باسترجاع الثقة المفقودة والوصول إلى ذلك المجتمع المتماسك والموحد والمتآخي".
وطالب مزراق بإعادة الاعتبار لقيادات "الجبهة الإسلامية للإنقاذ"، المحظورة من النشاط السياسي منذ مارس/آذار 1992. وأشار إلى أنّه "لا بد من إعادة النظر في قوانين إنشاء الأحزاب حتى تسمح بفرز النخب التي تستطيع تمثيل الشعب الجزائري حق تمثيل".
وأعلن أنّه طالب السلطة بـ"تعزيز المصالحة الوطنية ورفع الإكراهات الإدارية والسياسية المفروضة على الناشطين السابقين في جبهة الإنقاذ وجناحها المسلح"، على قاعدة ضرورة "ترقية المصالحة والذهاب بها إلى النهاية، ونغلق هذا الملف إلى الأبد".
وكان أويحيى قد استقبل الهاشمي سحنوني، أحد قيادات الحزب المحظور، قبل أيام، ليسجل بذلك سابقة تاريخية لناحية استقبال هيئة رسمية قيادات الحزب المحظور منذ العام 1992.
وأعطت هذه الاستقبالات المتكررة، إشارة سياسية إلى إمكانية فتح باب النشاط السياسي مجدداً، أمام قيادات "جبهة الانقاذ"، تمهيداً لعودة هذا الحزب تدريجياً إلى الساحة السياسية في إطار "المصالحة التاريخية" التي تتحدث عنها السلطة.
غير أن رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، ظل يشدّد على أنّ "ملف الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة مطوي نهائياً"، وإنّ "جبهة الإنقاذ ليست مدرجة على جدول أعمال السلطة"، مع إشارته إلى أنّ بعض قادة الحزب المنحل قد تم استدعاؤهم "كأشخاصٍ" للمشاركة في المشاورات حول مشروع تعديل الدستور، وليس بصفتهم الحزبية.