في يومها.. "ربيعة" أم مغربية تستحق التكريم

21 مارس 2015
بعض الأمهات تحرمهن قسوة الحياة فرصة الاحتفال بيومهن (Getty)
+ الخط -
كثيرات هن النساء اللاتي شاء لهن القدر أن يقمن بدور الأم والأب في أسر معوزة، تطالبهن الحياة بالصبر وتمنحهن حين ينكسرن أمام حزنهن، دموعا ليتحملن ما تبقى. هذه حكاية سيدة مغربية تحمل في قوة وجلد على كتفين متعبتين عالمها الصغير الكبير!

"بكثير من الصبر والدموع، أستطيع تحمل قساوة هذا العالم وتقديم عيش كريم لأبنائي"، تقول ربيعة ذات الـ 42 سنة. سيدة مغربية تعمل خادمة في البيوت تحت الطلب، سيدة لا تنتظر أن تحتفل بعيد الأم، لأنه يوم عمل كادح ستعود في ختامه لتجد أبناءها نائمين.

حياة ربيعة في ذات الزاوية لا تحيد عنها إلى الآن، شظف العيش وقسوة الظروف. الأمر الذي اضطرها إلى أن تخرج للعمل خادمة في البيوت، وفي المؤسسات العمومية والمقاهي إن اقتضى الأمر.

زواجها لم يقدم لها الاحترام أو العون كما تقول لـ"العربي الجديد". فالرجل، الذي يستمر بحمل صفة زوجها قانونيا والذي ينتمي لذات قريتها الصغيرة بنواحي مدينة أكادير، لم يكن قادرا على العمل لأسباب صحية، ولم يكن قادرا على منحها السند المعنوي الذي تحتاجه، وهو يتحول، كما تضيف، يوما بعد الآخر إلى "رجل مخيف، يضرب ويهدد بالهجر وأخذ الأولاد معه" إن لم تمنحه كل قرش تحصل عليه من عملها.

لربيعة ثلاثة أولاد، ابنٌ بِكر اضطر لمغادرة المدرسة باكرا، لمساعدتها في تحمل جزء من الأعباء الملقاة على عاتقها، وابنة أقعدها المرض عن المدرسة وابن أصغر يستمر بالدراسة تعلق عليه كل آمالها "الباقية" في الحياة، "أعمل لأعيل أبنائي وليدرس ابني الصغير، لن أتحمل أن يضطر لترك المدرسة أيضا".

عندما تجلس ربيعة إلى نفسها تفكر في الطريق الوعر الذي قطعته وما تزال، بداية رحلتها مع أسرتها من قريتها إلى مركز حضري بعيد بنواحي مدينة مراكش، حيث يتبدى لها الزمن غولا في الأزقة والوجوه، كلما حل موعد دفع فواتير الكراء والبقال والماء والكهرباء وغيرها، ويصير مخيفا أكثر كلما ضربها زوجها أو زاد مرض ابنتها.


تستطيع وأنت تنظر إلى عيني ربيعة المغشيتين بحياء القرويات ودموع صامتة، أن يتجلى لك معنى الآية القرآنية "ويوثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" تتحرج هذه المرأة العاملة من أن تطلب سلفة من مشغلة، بل تتحرج في طلب أجرها كاملا عندما تضيق ذات يد من تعمل لديهم، أو يقترون عليها، تقول "أعيش بكرم الناس، فرغم أنني أعمل لديهم إلا أنهم في النهاية أصحاب بيوت غير أغنياء".

هذا الوسط في مركز أشبه بالقروي، بالرغم من مسماه الإداري الحضري، لم يكن مساعدا أو داعما لربيعة، خاصة عندما خرجت خلافاتها مع زوجها إلى العلن، وهجرها الأخيرعائدا إلى قريته متنصلا من أية مسؤولية أخلاقية تجاه أبنائه، "حينها بات علي أن أكون أكثر صمودا، ليس من السهل أن تكوني امرأة دون زوج في هذا الوسط، حتى لو كان زواجا على ورق".

كان على ربيعة وما يزال أن تعيل أبناءها وتستمر في توفير شروط التعليم لابنها الأصغر، ناهيك عن إرسال حوالات صغيرة لأمها في القرية، بكد وتعب كي لا يشير إليها أحد بسوء، تستتر كأنها مذنبة، يرتبك حياؤها من ظلها، وعندما تتشابك الأمور أكثر أمامها تبكي دون صوت، ثم تمسح بطرف غطاء رأسها دموعها، وتنهض على عجل لمسح الأرض وغسل الثياب.

اقرأ أيضا:
نساء المغرب.. عمل الليل بين الهمّ الاجتماعيّ والمساواة
نساء مغربيات يقاومن الفقر والتهميش بالصبار والأعشاب
دراسة: نساء المغرب أكثر تديناً من رجالها

دلالات
المساهمون