في وصف الجهل

29 مايو 2015
... وليست لدينا واقعياً خطط لدعم جودة التعليم (Getty)
+ الخط -

لا يمكن وصف شخص بالجهل لمجرد أنه لم يحصل على نصيبه من التعليم. العلاقة بين التعليم والجهل بالأساس ليست بهذا التبسيط، فكم من شخص لا يحمل درجات علمية بات رمزاً للتنوير! وكم من حائز لدرجات علمية مرموقة تحول رمزاً للجهل وسبباً للتجهيل!

نتحدث هنا عموماً عن الجهل بتصاريف الحياة وليس فقط بالتخصصات، حتى في التخصص؛ فإن التعليم وحده ليس كافياً لمحو الجهل، والمهارة والذكاء والخبرة والبحث والتجربة تظهر الفروق بين متخصص وآخر، دوماً.

وجودة التعليم بحد ذاتها علم يتخصص فيه البعض، وله من النظريات والدراسات ما تعمل كثير من دول العالم على تطبيقها، إذ لا يكفي أن يتعلم الشخص حتى يكون صالحاً لسوق العمل. والأهم أن التعليم وحده لا يجعل الشخص قادراً على التعاطي مع أمور حياتية تحتاج قدراً أوفر من التفكر والتدبر قد لا توفره مناهج التعليم وحدها.

فيما يطلق عليه العالم الثالث، ودول المنطقة العربية في أغلبها يصح عليها هذا الوصف، لدينا مشكلات واسعة في أساليب التعليم، وليست لدينا واقعياً خطط لدعم جودة التعليم، والتي تعد من مصطلحات الرفاهية التي لا تشغل بال المواطن العربي، رغم تكرار حديث بعض الحكام العرب عنها في خطابات رسمية، وذكرها عادة ضمن كتيبات الخطط الحكومية السنوية.

ما زال العرب، في معظمهم، يتعلمون وفق أسلوب الحفظ والتلقين، ويعتمدون كتباً ومناهج مكررة يقرها أشخاص مكررون، وربما لا تتغير لسنوات طوال، رغم الطفرات العلمية الواسعة في شتى مناحي الحياة؛ ما زالت غائبة في مؤسساتنا التعليمية أساليب التعليم بمنح الطلاب موضوعات للتفكير والبحث، أو شغلهم بإعمال العقل بدلاً من حفظ معلومات محددة.

يتعلم الطالب العربي بطريقة خاطئة، أو على الأقل قاصرة، وعليه فإنه يخرج إلى سوق العمل بمؤهلات ضعيفة لا تجعله قادرا على المنافسة، أو حتى إنجاز المطلوب منه. الواقع أن بعض المتخرجين العرب لا يجيدون الكتابة بالعربية، ومعظمهم لا يعرفون لغات أخرى على الإطلاق.

في التصنيفات العالمية لجودة التعليم، تقبع مؤسسات التعليم العربية في مراتب متأخرة جدا، بعضها أصلا لا يظهر ضمن التصنيفات، إذ لا يملك معظمها الحدود الدنيا التي تؤهله للتنافس.

يبقى أن تدهور أحوال التعليم العربي، رغم الأموال الطائلة التي تمتلكها بعض الدول، أنتج ظاهرة إرسال الشبان العرب للدراسة في الخارج، كثير من الشباب العربي ميسور الحال يفعل ذلك، باعتبار أن التعليم الجيد استثمار مضمون، لكن تظل إيجابيات التعليم في الخارج مترافقة مع سلبيات يعود بها هؤلاء إلى أوطانهم، تترافق مع عدم عودة البعض بالأساس.

اقرأ أيضاً: متى يفهم العرب؟
المساهمون