كتابان سينمائيان جديدان، يُمكن التوقّف عندهما، عشية بدء عامٍ جديد: "خيري بشارة، فيلم طويل عن الحياة" للمصريّ أحمد شوقي، و"أضواء على السينما الغنائيّة العربية (1932 ـ 1960)" للّبناني فكتور سحّاب. اختلافٌ في الموضوع والمعالجة، يليه اختلافٌ في الشكل. فالأول ـ الصادر عن "صندوق التنمية الثقافية"، التابع لوزارة الثقافة المصرية، بالتعاون مع "المهرجان القومي للسينما المصرية 2017" ـ يستكمل مشروعاً سجالياً مهمّاً للناقد شوقي، ينعكس في سلسلة مؤلّفات يغلب عليها طابع الحوار المباشر مع سينمائيين مصريين، يتشاركون في جهدٍ عمليّ لتجديد لغة الصورة، وآلية المعالجة، وكيفية مواجهة تحوّلات العالم والناس. والثاني ـ الصادر عن "دار نلسن" في بيروت ـ يُقدِّم نبذةً مختصرة عن أحوال السينما الغنائية في مصر، رغم أن العنوان منفتح على العالم العربي، مع أن سحّاب نفسه يؤكّد أن النصّ مرتكز على إنتاجات مصر في هذا المجال.
اختلاف الموضوعين، أحدهما عن الآخر، طبيعيّ وضروري، إذْ يبدو الكتابان ـ وإنْ بتفاوتٍ ملحوظ ـ ضروريين في مكتبة سينمائية عربية، محتاجة إلى مؤلّفات علمية ونقدية وسجالية كثيرة. أما الاختلافات الأخرى، فعاديّة في بلادٍ عربيّة غير معنيّة بصناعة الكتاب، بقدر ما تكترث بكمٍّ يغلب، أحياناً كثيرة، على النوع. فأهمية النصّ المنشور في كتاب أحمد شوقي يواجهها سوء كبير في الطباعة والتصميم والتحرير، لن تحول دون متعة قراءة نصٍّ يخرج، إلى حدّ كبير، عن نمطٍ سابق لشوقي في حواريه مع داود عبد السيد ويُسري نصر الله. بينما الشكل المقبول في طباعة محاضرة فيكتور سحّاب، الملقاة في ندوة عن السينما العربية (2013)، غير متكاملة مع نصٍّ فاقدٍ أدوات جذبٍ في متابعته أحوال تلك السينما، في فترة زمنية قصيرة.
التغيير الحاصل في سلسلة "محاورات أحمد شوقي" منبثقٌ من تفاهمٍ سابق لبدء اللقاءات بين طرفيّ النص، الذي يصفه الناقد بأنه "الأغرب على الإطلاق" بين 5 كتبٍ سابقة له. فالنصّ برمّته نتاج تدوينات كثيرة لمخرجٍ منتمٍ إلى جيل سينمائيّ، يصنع انقلاباً حقيقياً في تاريخ السينما المصرية، ويُعيد تصحيح مساراتها وأمورها، بدءاً من ثمانينيات القرن الـ20، ويختبر، أحياناً، تقنيات حديثة في تصوير مشاريع معيّنة، ويستعين بمتخيّل خصب من الوعي المعرفي والثقافي والإنساني، يُعينه على تحقيق إنجازاتٍ موسومة بانتفاضتها على تقليدية باهتة، وتسطيحٍ عفن.
أما نصّ فيكتور سحّاب، فيبقى عادياً في مقاربته للسينما الغنائية، لاعتماده على تأريخٍ يميل، أكثر، إلى صناعة الموسيقى والغناء في الفترة المختارة، وإلى أرشفةٍ مأخوذة من كتب ومراجع سابقة. ولعلّ أفضل ما في النصّ هذا كامنٌ في تلك اللائحة الطويلة من الأفلام الغنائية، التي ربما تُعين المهتمّ بتلك السينما، إما على مشاهدة جديدة، وإما على دراسةٍ أعمق وأهمّ لصناعة تمزج، في مضمونها، بين فنون عديدة.
اقــرأ أيضاً
التغيير الحاصل في سلسلة "محاورات أحمد شوقي" منبثقٌ من تفاهمٍ سابق لبدء اللقاءات بين طرفيّ النص، الذي يصفه الناقد بأنه "الأغرب على الإطلاق" بين 5 كتبٍ سابقة له. فالنصّ برمّته نتاج تدوينات كثيرة لمخرجٍ منتمٍ إلى جيل سينمائيّ، يصنع انقلاباً حقيقياً في تاريخ السينما المصرية، ويُعيد تصحيح مساراتها وأمورها، بدءاً من ثمانينيات القرن الـ20، ويختبر، أحياناً، تقنيات حديثة في تصوير مشاريع معيّنة، ويستعين بمتخيّل خصب من الوعي المعرفي والثقافي والإنساني، يُعينه على تحقيق إنجازاتٍ موسومة بانتفاضتها على تقليدية باهتة، وتسطيحٍ عفن.
أما نصّ فيكتور سحّاب، فيبقى عادياً في مقاربته للسينما الغنائية، لاعتماده على تأريخٍ يميل، أكثر، إلى صناعة الموسيقى والغناء في الفترة المختارة، وإلى أرشفةٍ مأخوذة من كتب ومراجع سابقة. ولعلّ أفضل ما في النصّ هذا كامنٌ في تلك اللائحة الطويلة من الأفلام الغنائية، التي ربما تُعين المهتمّ بتلك السينما، إما على مشاهدة جديدة، وإما على دراسةٍ أعمق وأهمّ لصناعة تمزج، في مضمونها، بين فنون عديدة.