على مدى 72 عاماً نجحت الشعوب العربية في مقاطعة سلع ومنتجات الشركات الإسرائيلية ومحاصرتها والتضييق عليها ومطاردتها إن وجدت، لأنها تدرك أن جميع تلك الشركات متورّطةٌ في دعم نظام الاحتلال والفصل العنصري، وأنها تساعد حكومتها ماليا على ممارسة أبشع أنواع القتل والظلم والقهر للشعوب العربية، خاصة الفلسطينيين الذين قتلوا وطردوا من أراضيهم وشردوا في كل دول العالم على أيدي المحتلين.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة والمتواصلة التي بذلتها حكومات دولة الاحتلال المتعاقبة في الضغط على الحكومات العربية لفتح الأسواق أمام بضائع الشركات الإسرائيلية، إلا أنها فشلت فشلا ذريعاً، لدرجة أن تلك الحكومات، وتحت ضغط الرأي العام في بلدانها، سنت قوانين وتشريعات لمقاطعة إسرائيل وتجريم أي تعاملات مالية أو تجارية مع أي كيان إسرائيلي.
وحتى في فترات ما بعد توقيع اتفاقات سلام بين مصر والأردن ودولة الاحتلال لم يجرؤ رجل أعمال عربي على الجهر بالتعامل التجاري والاستثماري مع شركات ومؤسسات إسرائيلية، كما أن ربط اسم أي مستورد عربي بسلعة إسرائيلية يمكن أن ينهي حياته التجارية ويخرجه نهائيا من السوق.
وخلال تلك السنوات الطويلة كان المستهلك العربي ينفر حتى من متابعة أي أخبار متداولة عن السلع الإسرائيلية، بل ويدعو لمقاطعتها حتى لو كانت غير موجودة أصلا في الأسواق.
حتى الشركات الإسرائيلية فشلت فشلا ذريعا في أن تجد موطئ قدم لسلعها في أسواق المنطقة على الرغم من محاولات دخولها تلك الأسواق عبر شراكة مع مستثمرين أجانب أو أشخاص يحملون أسماء عربية، أو عبر اقتحام الأسواق العربية عبر ماركات وشركات عالمية متعددة الجنسيات.
ومع تمسك الشعوب العربية بمقاطعة إسرائيل، فقد انضمت إليها العديد من شعوب دول العالم التي لا تزال ترى أن إسرائيل دولة محتلة مغتصبة لأراض عربية، وأنها رغم إبرامها اتفاقيات سلام مع بعض الدول إلا أنها لا تزال تحتل أراض عربية في فلسطين، وهضبة الجولان المحتلة في سورية، ومزارع شبعا في لبنان وأم الرشراش في مصر.
بل إن حركة تحمل أسم حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، نجحت في الضغط على شركات عالمية كبرى لسحب استثماراتها من دولة الاحتلال، ولعبت دورًا رئيسيًا في إجبار محال تجارية كبرى في كافة أنحاء العالم على التوقف عن بيع وتسويق منتجات إسرائيلية في الأسواق الدولية.
ومن نجاحات حركة BDS إقناع مؤسسات عالمية كبرى بسحب استثماراتها من إسرائيل، فقد أقدمت صناديق التقاعد الحكومية في السويد والنرويج ونيوزيلندا ولوكسمبورغ وهولندا (PFZW/PGGM)، ومؤسسات استثمارية كبرى، مثل صندوق جورج سوروس ومؤسسة بيل غيتس والبنكين النرويجي Nordea والدنماركي Danske، على سحب استثماراتها من شركات أو بنوك إسرائيلية تشارك في اضطهاد الفلسطينيين.
وقد أشارت الأمم المتحدة وتقارير البنك الدولي وخبراء آخرون في تقارير متعددة إلى الدور الكبير الذي لعبته حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) على مدى السنوات الماضية، وقالت إن للحركة أثرًا اقتصاديًا على إسرائيل.
ومع تسارع خطى التطبيع فإن الرهان بات على الشعوب لا على الحكومات، وحتى لو حاول "المطبعون الجدد" مع إسرائيل ترويج المنتجات والسلع الإسرائيلية في الأسواق العربية، أو أن يكونوا معبراً لمنتجات دولة الاحتلال إلى أسواق العالم فإن مجهوداتهم ستفشل فشلا ذريعا كما جرى خلال السبعين عاما الماضية.
وربما رفض "الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع" لعملية التطبيع مع إسرائيل، ودعوتها أبناء الشعب الإماراتي إلى مقاطعة السلع الإسرائيلية، وأي منتجات تصل من تل أبيب إلى بلادها، كانت لافتة وتعبر عن مدى رفض الشعوب العربية لمثل هذه العمليات.