وبسبب الحاجز الزجاجي، لا يستطيع أهالي الصحافيين الاقتراب منهم واحتضان ذويهم، إلى جانب معاناتهم في كل زيارة، فلا بد لمن يريد زيارة ذويه أن يذهب إلى مقر السجن ثلاث مرات في الأسبوع، مرة من أجل تسجيل اسمه، وأخرى لتوصيل الطعام، وثالثة للزيارة، التي يجب أن يكون أمام السجن في الثالثة فجرًا، وينتظر عدة ساعات حتى يتم السماح له، وفي كثير من المناسبات، تمنع إدارة السجن دخول الدواء والملابس.
كما منعت إدارة السجن الزيارات لأسباب لا يعلمها ذوو الصحافيين، منذ ما يقرب من منتصف أبريل/نيسان الماضي. وعند الاستفسار عن سبب منع الزيارات، كانت الإجابة على لسان أحد الضباط: "لو مش عاجبكم روحوا اشتكونا"، وهو الأمر الذي دفع عددا من الأهالي إلى التعبير عن غضبهم، والتظاهر أمام السجن، للمطالبة بإتاحة الزيارة، خصوصاً بعدما ترددت أنباء حول وجود حالات تسمم لبعض المساجين قبل يوم واحد من رفض زيارة الأهالي. كما ترفض إدارة السجن زيارة المحامين لموكليهم رفضًا تامًا؛ مما يزيد من مخاوف وشكوك الأهالي.
وأضاف التقرير أنه في غياهب "العقرب" تدهورت، الحالة الصحية، لأحد الصحافيين المحبوسين هناك، إذ إنه يعاني من قرحة في المعدة وتقيأ دمًا على مدار يومين متتاليين، بعدما أصيب بنزلة معوية قبلها بأسبوع. كما أن إدارة سجن العقرب رفضت نقله إلى المستشفى، واكتفت بعرضه على طبيب السجن؛ كما رفضت إدارة السجن السماح بدخول ملابس أو أغطية خلال زيارتها الأخيرة له، وتعنتت في إدخال الأكل إليه.
صحافي آخر في سجن العقرب، له قصة أخرى مع تعنت إدارة السجن، وسوء المعاملة، حيث تمنع إدارة السجن دخول كافة الكتب داخل الزنزانة، بما في ذلك المصاحف، ومن أجل السماح بمرور مُصحف؛ يتوجب ذلك أن يكون خاليًا من التفسير أو معاني المفردات، وهو ما حدث مسبقًا معه وتم منع مرور المصحف الذي يحتوي على تفسير، كما أن إدارة السجن لا تسمح إلا بدخول الكتب الدراسية بشرط أن تكون مختومة من الجامعة وتمر على الأخصائي أولًا قبل وصولها إليه. كما أن الطعام أيضًا يمر إليه بطريقة مُهينة، داخل أكياس بلاستيك؛ الأمر الذي دفعه إلى الإضراب عن طعام السجن والاكتفاء بالطعام الذي تحضره والدته وأمهات زملائه إليهم بالتتابع على مدار الأسبوع، وفقًا لاتفاق بين الأمهات، بحسب التقرير.
"أنقذونا من المكان ده".. كانت تلك استغاثة أطلقها أحد الصحافيين، بعد معاناته داخل العقرب، ليصبح أقصى أمانيه نقله إلى أحد السجون الأخرى. "حسب أعراف السجن يتم تقسيم المعتقلين إلى: جنائي وسياسي وصحافي، في بادئ الأمر ظننت أن تصنيفي كصحافي هنا يجعلني أفضلهم حالًا، وكذلك ظنّ العديد من الصحافيين المعتقلين الذين قابلتهم في السجن حيث حرصوا على إظهار هويتهم الصحافية فور اعتقالهم، لكن الواقع كان معاكسًا تمامًا، حتى في التفاصيل الصغيرة، فمثلًا: يسمح للجنائيين باقتناء الجرائد والتلفزيونات بينما يُحرم منها الصحافيون، كما يُسمح للجنائيين بإدخال الكثير من أصناف الأدوات الشخصية والطعام وغيره مما يُمنع منعًا باتًا دخوله إلينا بلا سبب سوى الزيادة في التضييق علينا، تتكرر حملات التفتيش على زنازين الصحافيين بصورة بشعة وغير إنسانية ودون احترام حتى لأدنى قيم الإنسانية في الوقت الذي تكون فيه زنازين الجنائيين في راحة من هذا، وأخيرًا -في عيد الفطر- تم العفو والإفراج عن 424 مجرمًا جنائيًا وخَلَت قائمة العفو من أي صحافي أو معتقل رأي"، بحسب ما يقول الصحافي في مقتطف من رسالته داخل سجن "العقرب".