مُحْتَشداً
كانْ،
ويُفضّل ساعات الخَلوة، والخَلوة باهظة،
ويقول كلاماً منشرحاً
ويردّ كلاماً نحو الداخل
ويُفصِّل
أو كان يُضَمّد أسراب كلامْ.
■
والساعة واحدة كانت، قبل الفجر تماماً
صوت مُنفَلِت،
كان تَسلَّل من كل ثقوب الدنيا
يرتجّ رِتاج المعدن،
سيقان جنود تتسلّق
شاهدت سراباً يتلامع
فالحزن شفيف، وصفائح
أيام تلهث،
والقَصّ مساء محفور يَنساق إلينا
يتلاشى، قلنا حتى الضوء الخافت.
قَرقَعَةٌ فوق المنزل:
"إِفتخ باب...!"
يَتدحرج إبريق في المطبخ
صينية قشّ تسند قامتها وتكاد تفسّر،
ذاكرة تتعرّج فينا
لا نعرف عن ماذا نبحث،
كل الأشياء ارتجّت، وحروف تدخل شبه حروف كانت، صَلَف منتشر، يتلامع كل صقيل لبسوا أو حَمَلوا، قلبي يدخل زاوية نائية، يَخرج من أخرى، شرخ في جسدي...، أغلقه، كتب وارفة، وصدوع جبال أعرف كيف توارى النرجس فيها، أمكنة تدخل في شَظف السيرة، تتعثر قَدَم بحطام منزلق في الكومة، فيها أسرار بلاد، أسماء بلاد، طرق تتعرج في سفح، أخلاط أيضاً، لا تعرف هذا مِن هذا، والحال رهيف، أيام عاتية تغلق كفيها، دفتر رسم، أو كان نثاراً من ورق، أعرفه قد كان رغيداً أيضاً كان حصيفاً، أردية، فُرُش نافرة فقدت هدأتها، والفكرة شاهقة جداً، مُفردة جاهزة تسند أخرى، يَحضر "سقراط" إلينا في اللَّحظة، ويقول كلاماً لم يُفهم، يتعجل، قرقعة، نتذكر بعض أساتذة وقفوا أو جلسوا، نتذكّر أيام "السَّندقة" الأولى، نتذكر أتناك مياه فوق رؤوس نساء عاتية، والماء يشرشر، أتذكر أيضاً! أسترجع بعض هدوئي الصارم، أَغْلِفة تاهَت، وحقائب رُصّت فيها بعض ثياب، يتراطن أحد، إن قلت كلاماً...يشتمني، أو عدت لصمتي يشتمني أيضاً، أستغلق كل شفاهي، ويخاطب سيدة: "اسكت انتا"، وأهيّئ نفسي بسطور عالية، عالية جداً.
"التيدابير!"
أصوات زجاج يَتَهشّم،
الشاي ثقيل في قاع الغَلّاية، مائلة كانت،
فَلْقَة صابون في غير الموضع، سيدة تعقد خرقتها: "اسكت انتا"،
أسئلة تتسلَق أزمنة،
ناتئة هذي الصورة!
شجر قرب المنزل مُنسدِل يعرفني،
شَقْشَقَة الفجر انسربت من باب كان يوارب، أو كان تبقى منخلعاً.
أيضاً، عربات في الخارج،
طُرُق ضيّقة، أطراف رصيف حُشِرت،
حَشرَجة في الحارة!
كلمات تركض خلفي
تسّاقط حولي
وارفة جداً كانت،
ورشيق جداً قلبي، ظلّ رشيقاً.
■
ويقول الرجل الهادئ
والمبهم:
شاهدت بلادي كامِلَة من تحت العَصْبة.
■
في اليوم التالي
تكتب طالبة مسألة فوق السَّبُّورة،
وتواصل ما كان تبقّى في غير مَكانْ.
* شاعر من فلسطين