في الكرة المصرية.. خيانة من طرف واحد

24 اغسطس 2014
فتحي آخر "ظاهرة التخوين" (getty)
+ الخط -

أصبحت كلمة "خائن" اتهاماً مباشراً وعادياً، من جانب المسؤولين في الأندية المصرية، للاعبين عند أول انفصال، سواء لمن يرفض التجديد أو من يطلب الرحيل للاحتراف الأوروبي، أو حتى ممن يتجاهل دعوات التنازل عن مستحقاته وحقوقه المالية.

اتهامات الخيانة تحولت إلى ظاهرة تهدد استقرار اللعبة، بعدما أدمن مسؤولو الأندية اللجوء إلى هذا الاتهام لتبرير الفشل في التعامل مع لاعب رحل وفق لوائح الاحتراف المحلية والدولية. والغريب أن النادي حين يترك اللاعب ويستغني عن خدماته، أو يجبره على الرحيل بخفض مستحقاته، يكون الأمر طبيعياً ولا يعتبرونه خيانة من النادي للاعب الذي قدّم الكثير وشارك في تحصيل الألقاب والبطولات لصالح النادي.

وانتقال أحمد فتحي، 30 عاماً، لاعب وسط الأهلي والمنتخب المصري، إلى أم صلال القطري بعقد لثلاثة مواسم، نموذج صارخ لهذه الظاهرة. فبعد تقديمه الكثير لنادي الأهلي ولمنتخب الفراعنة على مدار السنوات العشر الأخيرة، وما إن رفض تجديد عقده مع الأهلي واختار الاحتراف فى الخارج لتأمين مستقبله، حتى انبرى مسؤولو الأهلي يكيلون له الاتهامات بعدم الوفاء للنادي الذي احتضنه وعالجه من الإصابات، وأنقذ مسيرته الكروية عندما جلبه من شيلفد يونايتد الإنجليزي عام 2008 حيث كان لا يشارك في المباريات. ووصل الأمر إلى تعالي أصوات تدعو إلى منعه من العودة مرة أخرى إلى الأهلي كلاعب أو كمدرب في المستقبل.

حرب إعلامية
وخرج اللاعب إلى الإعلام ليصرح، عقب انضمام أحمد إلى نادي أم صلال القطري بعقد لمدة ثلاثة مواسم قادمة، ومن خلال بيان صحافي أصدره للرد على المتهمين له في الفترة الماضية، بأنه حافظ على مدار سبعة مواسم في الأهلي على العلاقات المحترمة بينه وبين إدارة النادي، ولم يكن طرفاً في المشكلة. وأضاف أن الأسباب الرئيسية التي دفعت به إلى الرحيل عن الأهلي ليست مادية، ولكنها حال الكرة المصرية التي جعلته غير متحمس للاستمرار في الدوري المصري، نظراً لغياب الجماهير وعدم الاستقرار على إقامة البطولة في مجموعة واحدة، مؤكداً أنه حتى آخر مباراة لعبها مع الأهلي، وهي مباراة الرجاء، كان متحاملاً على نفسه، ولعب مصاباً، مشيراً إلى أن تأخّره في الإفصاح عن وجهته المقبلة كان بسبب صعوبة ترك الفريق، ولم يكن يتّعمد وضع إدارة النادي في موقف حرج، مضيفاً أنه على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة لم يصرح في أي وسيلة إعلامية، حرصاً على ألا يظهر أنه يساوم الأهلي.

وما عانى منه، أحمد فتحي، لاحق لاعبين آخرين، لعل أبرزهم عبد الواحد السيد، حارس مرمى نادي مصر المقاصة، الذي تناسى الجميع تاريخه في الزمالك على مدار 16 عاماً، لمجرد أنه طلب الحصول على حقوقه المالية المتأخرة.

وانهالت الاتهامات التي حملته مسؤولية الإخفاقات، واعتبروه خائناً لناديه الذي احتضنه وهو مصاب، لمجرد أنه رفض التنازل عن مستحقاته أو تخفيضها إلى مليون جنيه فقط، وجرى تقديم بلاغات ضد الحارس الكبير في النيابة العامة تخص تعاملاته المالية خارج كرة القدم.

واضطر محمد عواد، حارس مرمى الإسماعيلي والمنتخب المصري، إلى التراجع عن تعاقده مع الزمالك بعد أن فوجئ بالجماهير تتهمه بالخيانة وتهدد أسرته باقتحام منزله.

وعانى أحمد الشناوي، حارس المصري البورسعيدي السابق، والمنتقل إلى الزمالك مقابل 6 ملايين جنيه، من الاتهام من قبل جماهير المصري الغاضبة.

اتهامات الخيانة -وهي من طرف واحد- ليست بالجديدة على الأندية المصرية، فقد لاحقت لاعبين في الماضي، مثل عصام الحضري حارس مرمى المنتخب المصري الأول في آخر 15 عاماً، والذي اعتبر خائناً للأهلي، وممنوعاً من دخول النادي بسبب تعاقده عام 2008 مع سيون السويسري.

كما تحول حسام وإبراهيم حسن، أشهر نجمين في تاريخ الأهلي خلال القرن العشرين، إلى خائنَين بسبب انتقالهما إلى الزمالك عام 2000، رغم أن الأهلي هو من استغنى عن خدماتهما فى تلك الفترة.

وتعرض منزل حسني عبد ربه، لاعب وسط الإسماعيلي، للاقتحام من قبل جماهير الإسماعيلية الغاضبة، عندما وافق على قرار ناديه ستراسبورج الفرنسي ببيعه إلى الأهلي عام 2007، واضطر إلى الاستمرار في الإسماعيلي.

كما جاء رفض جماهير الزمالك لاستقدام طارق السعيد، للعمل مدرباً مساعداً لحسام حسن في الفريق مؤخراً بداعي أن السعيد "خان" الزمالك كلاعب عام 2006، عندما رفض تجديد عقده، واختار الانتقال للعب في الأهلي لمدة ثلاثة مواسم، ولم يسلم أيضاً النجم السابق رضا عبد العال من التشهير والتحقير من الزملكاوية، بعد اختياره الاحتراف في الأهلي في واحدة من الصفقات التي هزت الكرة المصرية وقتها، فيما انتهت صفقات في مهدها لمجرد الخوف من اتهام الخيانة وتأليب الجماهير.

الكرة العربية..المشكلة نفسها
وغالباً ما عانت العديد من البلدان العربية من هذه المشكلة بالذات والأمثلة كثيرة، ففي الأردن يصعب انتقال لاعب من فريق الفيصلي إلى فريق الوحدات أو العكس، لأن التعصب الجماهيري هناك لا يمكن أن يسمح بتلك العملية، فتجد اللاعب يختصر الطريق على نفسه، ويقول إنه لن يلعب سوى لناديه الأم، وإن لم يفلح، فمن السهل عليه الانتقال إلى نادٍ آخر غير النادي الغريم.

المساهمون