في الذكرى السادسة للثورة المصرية: الحقيقة المستورة لقتْل المتظاهرين

25 يناير 2017
من موقعة الجمل في القاهرة قبل سقوط مبارك(العربي الجديد)
+ الخط -
تحلّ الذكرى السادسة لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، في وقت لا تزال هناك الكثير من الحقائق والمعلومات التي لم يتم الكشف عنها بعد. بعض هذه الحقائق أرادت لها أجهزة الدولة أن تموت وتظل بعيداً عن التداول ووسائل الإعلام، نظراً لكون الواقفين خلفها هم الذين ظلوا ممسكين بمفاصل الدولة حتى خلال فترة الحكم الرئيس المعزول محمد مرسي. أما البعض الآخر من هذه الحقائق فقد بدأت أجهزة الدولة العميقة في إخراجها على صورة تسريبات إعلامية عبر مقدمي برامج يعملون لدى تلك الأجهزة في هذه الذكرى، لزيادة الهوة بين ثوار الميدان لمنع توحّدهم وتكتلهم من جديد.

وتكشف مصادر قضائية مصرية، ذات صلة بالتحقيقات التي أجريت عقب ثورة 25 يناير على مراحل مختلفة، عن تفاصيل جديدة مع الذكرى السادسة للثورة، والتي تحل ومعظم رموزها إما خلف قضبان السجون، وإما مطاردون خارج حدود القطر المصري. في مقابل ذلك، عاد رموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ليتصدروا المشهد من جديد، ويتقلدوا مناصب وزارية واستشارية مهمة داخل مؤسسات الدولة.


وتؤكد المصادر أن التحقيقات دانت الرئيس المخلوع حسني مبارك بشكل مباشر وواضح في مسألة قتل المتظاهرين خلال جمعة الغضب وما تلاها من أحداث، وذلك باعتراف نصي واضح لوزير الداخلية في حينه حبيب العادلي. وأكد العادلي خلال التحقيقات التي أشرف عليها النائب العام الأسبق طلعت عبد الله، أنه تلقى أمراً صريحاً من مبارك بمواجهة المتظاهرين بأي طريقة كانت لمنع تزايد تلك التظاهرات وخروجها عن السيطرة حتى إذا تطلب الأمر إطلاق النار.

وتضيف المصادر نفسها أن النيابة كانت في طريقها قبل الثلاثين من يونيو لتقديم القضية برمتها بعد التحقيقات الجديدة التي أجريت ليتم محاكمة المتهمين من جديد، مشددة على أن النيابة العامة أعدت مذكرة من 600 صفحة تتضمن كافة التحقيقات والاعترافات التي أدلت بها أطراف القضية، إلا أن المستشار محمود الرشيدي الذي منح البراءة لمبارك ونجليه علاء وجمال، و6 من مساعديه رفض النظر في تلك المذكرة. ووفقاً للمصادر هذه المذكرة تم فرْمها تماماً والتخلص منها لطمْس كافة الحقائق التي توصلت لها النيابة العامة خلال فترة حكم مرسي وبالتحديد بعد الإطاحة بالنائب العام الأسبق عبد المجيد محمود.

وتلفت المصادر إلى أن كافة الأدلة القطعية أثبتت تورط الشرطة في قتل المتظاهرين خلال يومي 25 يناير و28 يناير المعروف بـ"جمعة الغضب"، وكذلك 29 يناير في محيط ميدان التحرير. وبحسب المصادر فإن التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة توصلت لكشوف التسليح الحقيقية والتي حاول مسؤولون في وزارة الداخلية إخفاءها من دون التخلص منها تماماً ربما لتظل في أيديهم لاستخدامها في وقت لاحق ولأغراض يعلمونها هم قد تكون ليضمنوا عدم توريطهم وحدهم إذا تفاقمت الأمور.
وتشير المصادر إلى أن التحقيقات، عقب العودة لتقارير الطب الشرعي بشأن توصيف الإصابات ونوعية الطلقات والأعيرة النارية التي تسببت في قتل المتظاهرين وإصابتهم، تطابقت تماماً مع كشوف التسليح الخاصة بقوات الشرطة، وأماكن وجودها في ذلك الحين.
وتؤكد المصادر أنه في ما يتعلق ببعض الأحداث التي تلت الثورة مثل أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، والعباسية وزارة الدفاع، تورّطت فيها أجهزة أمنية كبرى في الدولة منها المخابرات الحربية والمخابرات العامة. وتشير المصادر إلى أن المخابرات الحربية، وفقاً للمعلومات التي تم جمعها خلال التحقيقات والشهادات وما التقطته بعض الكاميرات التي كانت في محيط ميدان التحرير لبعض البنوك والأماكن الخاصة، كانت هي الجهة التي تمثل" الطرف الثالث"، وهو المصطلح الذي ظهر بقوة مع الأحداث التي أعقبت ثورة 25 يناير.

وتكشف المصادر عن أنه خلال التحقيقات في إحدى الوقائع التي أعقبت الثورة تم التوصل إلى اسم شخص، تحفّظت المصادر على ذكر تفاصيل عنه، إلا أنه بعد ضبطه والتحفظ عليه قبل انقلاب الثالث من يوليو، لأنه كان متورطاً في العديد من الوقائع، طلبت شخصيات كبيرة في جهاز المخابرات العامة اعتبار هذا الشخص شاهداً، وعدم توريطه في القضية مقابل تقديمه التفاصيل الكاملة عن بعض الأحداث، والتي كانت متورطة فيها شخصيات تعمل بأجهزة استخبارات خليجية. وتشير المصادر إلى أن هذا الشخص كشف تفاصيل اجتماعٍ جرى في إحدى السفارات الخليجية للترتيب لاضطرابات واسعة قبل نحو 6 أشهر من 30 يونيو 2013، مشيراً إلى أنه تقرر خلال هذا الاجتماع الاستعانة بمساعدة بعض السياسيين ووسائل الإعلام التي تدار بمعرفة هذه السفارة.

وبشأن النفي المتواصل من جانب وزارة الداخلية المصرية عن عدم امتلاكها قناصة ضمن قواتها المستخدمة لتأمين المنشآت خلال أحداث الثورة، أو كون أن هناك قناصة بشكل عام لديها، تقول المصادر "توصلنا خلال التحقيقات والمستندات التي حصلنا عليها من داخل وزارة الداخلية، ما يثبت أنه كانت هناك فرقة قناصة وكانت تحت إدارة مباشرة لوزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وكشفت مستندات وقتها أنهم كانوا حاصلين على دورات تدريبية في هذا الشأن بالولايات المتحدة الأميركية".
وكانت مصادر قد كشفت في وقت سابق لـ"العربي الجديد" مع ظهور التسريبات الإعلامية للناشطين ورموز ثورة 25 يناير أن هذه التسريبات كان مسؤولاً عنها جهاز أمن الدولة التابع لوزارة الداخلية قبل 25 يناير، وكانت تتم بإحدى الفيلات في منطقة الزمالك. ومساء جمعة الغضب 28 يناير، توجهت قوة تابعة للمخابرات الحربية واستلمت تلك الفيلا. ولفتت المصادر إلى أن سيطرة المخابرات الحربية على تلك الفيلا بأجهزة التصنت التي كانت تحتويها، كانت أحد الأسباب التي دفعت الجيش لرفع يده عن مقرات الأمن الوطني والسماح للثوار باقتحامها في مارس/آذار 2011 وعدم التصدي لهم، بعد أن اكتشف جهاز المخابرات العامة أن جهاز أمن الدولة الذي كان تحت سيطرة وزير الداخلية حبيب العادلي يقوم بالتصنت على ومراقبة كبار قادة وضباط القوات المسلحة.