في الحجب والحظر وأكثر

07 يناير 2016
"الفاشل" الوصف الأكثر تعبيراً عن النظام المصري (مواقع التواصل)
+ الخط -
"حجب موقع العربي الجديد"، ذلك العنوان الذي بدأ يتغيّر كل يوم مع إضافة واحدة "في مصر"، "بعد السعودية الإمارات"، عنوان لخبر أعادني لأيام خلت قبل الثورة التونسية والتي كان فيها النظام يحاول طمس كل رأي يغرّد خارج السرب، فلم يكن الحجب والمنع مخصوصا للمواقع الإلكترونية فقط وإنما حتى للحسابات الشخصية للمعارضين السياسيين على مواقع التواصل الاجتماعي.


لم يكن الحجب إلّا فرصة للنشطاء الشباب لإظهار ضعف النظام والوهن الذي وصل إليه، إذ إنّه ليس فقط يخاف الإرهاب والسلاح وإنما يخاف الكلمة الحرّة.

حجب موقع العربي الجديد له دلالاته المرتبطة أساسا بالبلدان التي قامت بالحجب، فنظام الانقلاب العسكري في مصر لا يمكن أن يُبقي على موقع يقوم بفضح جرائمه وانتهاكه لحقوق الإنسان، فهل ننتظر من هذا النظام الذي أخرس آلاف الأصوات بالرصاص لتصرخ دماءهم "نموت نموت ويحيا الوطن"، وهل لهؤلاء الذين يضعون للصحافة معايير التملّق والتطبيل وهتك الأعراض والاستبلاه خيار آخر غير محاولة حجب كلّ أصوات الحقيقة؟

إنّه الانقلاب الذي يترنّح ويعلنها عاليا "كلماتكم تقتلنا"، كلماتكم تهدّد كياننا وتؤرّق مزيّفي الوعي التابعين هؤلاء البيادق التي نسمّنها ونهدّدها لأجل العمل ضدّكم.

"الفاشل"، الوصف الأكثر تعبيرا عن النظام المصري الذي لم يترك فرصة للاستهزاء به إلّا وفعلها، فمن معالجة السيدا بالكفتة إلى المليون وحدة سكنيّة، إلى استعمال القضاء وضرب الحريّات، إلى مشروع قناة السويس والأكاذيب التي يبثها ليل نهار في الإعلام المدجّن، ورغم ذلك فقد فشل في أن يفتّ في عضد الثورة التي "تنمو برشد" تحت الرماد وتنتظر الانفجار.

أما السعودية، فتفرض قيودا على حريات الرأي والنشر على الدوام، والإمارات لم تكن سوى ذلك البلد الذي يُذكر كلّما صارت مؤامرات في بلدان الربيع العربي، فهو مذكور في مصر وتونس وليبيا، إذ لم يلتهِ بآلاف المليارات من الدولارات التي يجنيها وفرص الاستثمار، وإنما هو داعم فقط لمعارضي الديمقراطية ومموّلي محاولات الانقلاب هنا وهناك. بالطبع هذا رأي لا يمثّل موقع وصحيفة "العربي الجديد" لا من قريب ولا من بعيد، ولكنّه في المقابل يعبّر عن لوعة تونسي من نظام وضع يديه في تجربة وليدة أرادوا وأدها لكنّهم لم يفلحوا وباءت كل محاولاتهم بالفشل ولكنّهم ضيّعوا سنوات من التقدّم الاقتصادي وجعلوا منها تجرية مهدّدة إقليميا ودوليا.

الحجب هو فرصة جيدة لإشهار المواقع المحجوبة وترويج محتوياتها في تلك البلدان التي قرّرت المضيّ قدما في منهج الفشل الفكري والمعرفي والسياسي والذي يؤدّي ضرورة لزوال مخطّطاتها وتعميق الرفض لها، فيما تتطوّر مهارات الشباب العربي في كسر هذا المنع عبر "تقنيات البروكسي"، ذلك السلاح القديم الذي استعمله الشعب التونسي لكسر حظر نظام آل إلى زوال.

(تونس)