في الأردن: القتل بداعي الشرف يحميه القانون ويؤيده المجتمع

30 مارس 2014
مجلس النواب الأردني
+ الخط -

بدم بارد، تصاحبه الزغاريد الاحتفالية، وتحت حماية قانونية، تقتل النساء في الأردن، دفاعاً عن "شرف" العائلة، وهي الجرائم التي باتت تستوطن المجتمع الأردني، رغم محاولات الجهات الرسمية إنكارها كظاهرة، ومساعي المجتمع للتكتم عليها خوفاً من العار.

لا توثق الاحصاءات الرسمية الأردنية عدد الجرائم التي ترتكب سنوياً بدعوى الشرف، فيما تحصي منظمات حقوقية وناشطات في الدفاع عن حقوق الأردنيات، وقوع حوالى 20 جريمة سنوياً تحت مسمى الدفاع عن الشرف.

آخر تلك الجرائم الموثقة حدثت في الثاني والعشرين من مارس/ آذار عندما أقدم شاب يبلغ من العمر 28 عاماً على قتل خطيبته البالغة من العمر 18 عاماً برصاصتين في الرأس، وقال بعدما سلم نفسه للمركز الأمني "وصلني أن خطيبتي لها علاقة مع شاب فقتلتها لتطهير شرفي"، وهكذا انتهت نزهة الخطيبين.

تاريخ الظاهرة

تلك آخر الجرائم، لكنها ليست صادمة مثلما حدث صبيحة عيد الفطر عام 2012 حين أقدم شاب يبلغ من العمر 22 عاماً على قتل أخته المعاقة حركياً لشكوكه في سلوكها بعدما شاهدها تتحدث بالهاتف الخلوي، وتوفيت الفتاة العشرينية على الفور بعد تلقيها أكثر من عشرين طعنة، فيما سلَم الجاني نفسه للمركز الأمني.

اللافت أن المجتمع الأردني ينحاز إلى الجاني في هذه الجريمة، حتى لو كانت الضحية بريئة، تشير إلى ذلك دراسة أجراها مشروع التمييز الثقافي والقانوني نحو الفتاة في الأردن عام 2011، حيث كشفت أن أكثر من 80 بالمئة من المستطلعة آراؤهم يعتقدون أن حماية الأنثى تعني حماية شرف العائلة.

وتقول لينا جزراوي، الناشطة والباحثة في قضايا المرأة الأردنية: "المرأة دائماً هي الملومة، حتى دون أن تخطىء"، وترجع ذلك إلى الثقافة السائدة في المجتمع الأردني المنحاز للرجل في هذه القضايا، والذي يسعى دائماً الى طي صفحة الضحية خوفاً من وصمة العار.

وبحسب جزراوي، ففي جرائم كثيرة كان القتل بحجة الشرف غطاء للجريمة التي ترتكب بحق المرأة، عندما ترفض التنازل عن ميراثها لصالح أخوتها الذكور، أو ترفض الزواج من شخص اختارته العائلة، أو عند رغبة زوجها في التخلص منها للزواج بأخرى.

في تلك الحالات تكون الجريمة المرتكبة بدعوى الشرف الطريق الأسهل لحسم النزاع مع الفتاة، حيث يسارع المجتمع إلى إدانتها ويستفيد الجاني من العقوبة المخففة التي يوفرها له القانون.

ويستفيد القاتل بدعوى الشرف من المادة 340 من قانون العقوبات الأردني، والتي تنص على تخفيف العقوبة على من فوجئ بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته حال تلبسها بجريمة الزنا، فقلتها أو قتل من يزني بها أو قتلهما معاً.

وتتيح هذه المادة خفض عقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد إلى الحبس سنة على الأقل.

وتقول الناشطة جزراوي "بعد سنة يخرج الجاني، ويستقبل استقبال الأبطال"، معتبرة القانون منحازاً للذكور، حيث تحدث الغالبية العظمى من الجرائم بناء على الشبهات والشكوك لا على التلبس، ومع ذلك يستفيد الجاني من العقوبة المخففة.

رئيسة تجمع البرلمانيات الأردنيات النائبة وفاء بني مصطفى تصف المادة 340 من قانون العقوبات بأنها "نقطة سوداء".

يذكر أن مجلس النواب الأردني رفض عام 2011 تعديل قانون العقوبات بشكل يلغي العذر المخفف، وهو الرفض الذي عارضته بني مصطفى التي كانت تشغل في ذلك الوقت عضوية اللجنة القانونية في مجلس النواب.

وقالت بني مصطفى لـ"العربي الجديد": "نجحنا حينها فقط في إلغاء العذر المخفف في حال كان عمر الضحية أقل من 15 عاماً"، لكنها كشفت عن توجه لدى السيدات من أعضاء مجلس النواب لمراجعة كل القوانين التي تمس السيدات وتُلحق التمييز بهنّ.

وتقول: سيكون لقانون العقوبات والمادة 340 فيه، الأولوية في المراجعة، غير أنها تعترف بأن المهمة ستكون صعبة في ظل ممانعة غالبية مجلس النواب لتعديل تلك المادة، ورفض المجتمع كذلك لتغييرها.

دلالات