فيليب ليس دنماركياً لأن شعره غامق

24 سبتمبر 2016
الطالب الدنماركي فيليب يازديني (فيسبوك)
+ الخط -
طرحت ثانوية "لانغكيير" في أحد ضواحي آرهوس الدنماركية، مع بدء الفصل الدراسي الجديد، طرحا يصل مرتبة التمييز، وفقا لقانون البلاد، بتقسيم الطلبة عرقيا ودينيا.

أثارت الخطوة ضجة بين صفوف الطلبة من مختلف الخلفيات والعرقيات، قابلها تبرير مدير الثانوية الذي اتخذ خطوات "منافية لفكرة الدمج بفصل الدنماركيين عن الآخرين"، وفق تعبير مجلس الطلبة، بحجة انخفاض أعداد "الطلبة الدنماركيين الأصليين ذوي الخلفية الغربية". أوصلت الفكرة الطلبة إلى حد التهكم من وزيرة الدمج التي أيدت الخطوة واعتبارهم "إنغا ستويبرغ وزيرة اللادمج.. تؤيد".

تصدى للأمر رئيس مجلس الطلبة، ينس فيليب يازديني، رافضا هذا "التقسيم العرقي". وذاع صيت الشاب في الصحافة المحلية، إذ شارك مساء الخميس الماضي بحوار تلفزيوني مع القناة "الدنماركية 2" الرسمية بوجود قطب برلماني بارز عن حزب الشعب اليميني المتشدد، مارتن هينريكسن، وهو شخصية مثيرة للجدل في طرحه مواقف عنصرية مباشرة.

قال الشاب في البرنامج الذي تابعته الدنمارك في ساعة الذروة:" نحن كثيرون هنا، ولدنا وترعرعنا في الدنمارك. ارتدنا المدارس الابتدائية وصالات الألعاب فيها. نحن دنماركيون كالبقية".

في تلك اللحظة قاطع البرلماني حديث الشاب بالقول:" ليس بالضرورة أن يصبح بذلك المرء دنماركيا..". المذيع الذي يدير الحوار، كليمنت كيرسغوورد (شخصية شهيرة بمجال التوك شو السياسية) أصابته الصدمة فرد على الفور بسؤال:" مارتن (البرلماني)، يازديني ولد وكبر في الدنمارك، أليس هو دنماركيا؟". يجيب السياسي اليميني، كما هي العادة، " لا أعرفه لذا تصعب علي الإجابة... لا يمكن القول أنه بمجرد أن الناس حضرت إلى البلد ورزقت بأطفال فهم دنماركيون، إن ذلك يجعل النقاش سطحيا، وفيه تجاهل وقح للأجيال التي بنت البلد (الدنمارك)".




فيليب يعرف بهيئته وشعره الأسود الطويل، وسحنته التي تميل قليلا إلى سحنة المتوسطيين، وجد نفسه مصدوما. راح يعدد كيف هو دنماركي "أمي دنماركية بالأصل، ولدت هنا ولا أقبل هذا النقاش المزيف عما تعنيه دنماركية الشخص. المسلمون الذين يحاول هينريكسن وغيره تصنيفهم والحكم عليهم هم أطفال ولدوا وكبروا في المدارس الدنماركية، ولا يمكن القبول بتصنيفهم بهذا الشكل المخالف للحقيقة".

تفاعل النقاش وطاول الطبقة السياسية والاجتماعية، وتزامن مع الخطاب اليميني المتشدد، وآخره مع ظهور حزب جديد "البرجوازية الجديدة" بطرح قريب إلى الحزب الشعبوي، وحصوله على تقدم سريع في الاستطلاعات.

فأثارت التصريحات "العنصرية" المتزايدة مؤخرا من اليمين المتشدد عددا من ردود الأفعال السياسية. رئيس حزب راديكال (يسار وسط)،وعضو البرلمان مارتن أوسترغوورد رفض التصنيف بالقول:" لم أر في حياتي شيئاً كهذا"، مضيفا :" إذا كنت قد عشت هنا وتشعر بأنك دنماركي فأنت بالتأكيد كذلك. ذلك هو المعيار الوحيد ليكون المرء دنماركيا بعقله".

حزب "البرجوازية الجديدة"، حديث الترشح للبرلمان، اضطر بعد موجة انتقادات عارمة لمواقفه المتشددة إلى القول:" لا يجب الحكم على الناس من لون بشرتهم".

وزير الخارجية الدنماركي كريستيان يانسن، من حزب يمين الوسط الحاكم، كتب في تويتر "بالتأكيد أنت دنماركي. في الواقع أمر غير دنماركي الحكم على الناس بناء على خلفياتهم ومعتقداتهم وإثنياتهم".

الشاب الذي كان محور هذا الجدل قال أمس في لقاء تلفزيوني في منزل أسرته: "هذا الجدل الذي يثيره بعضهم، بمن فيهم حزب البرجوازية الجديدة، عن الاندماج ورفع خطاب "نحن وهم" بوصم الناس كما يريدون هو بالأصل جدل غير دنماركي الطابع. إنه نقاش يحفز التخندق ويجعله أعمق، خصوصا حول المسلمين. هو خطاب خاطئ كليا، ومؤذ تماما ولا يؤدي إلى نتيجة. علينا بدل ذلك أن نتحدث عن كيفية خلق شروط أخرى للدمج الذي يؤدي إلى مجتمع نكمل فيه بعضنا بعضا".

وسبق لحزب الشعب اليميني المتشدد أن صدم المشاهدين وأثار ضجة مماثلة عبر مسؤول لجنة العلاقات الخارجية فيه، سورن أسبرسن، قبل عامين حين توجه إلى مذيع من أصل تركي ووزير الدمج والمساواة مانو سارين (اجتماعي ديمقراطي من أصل هندي) قائلا:" كيف لاثنين أجانب أن يناقشا مسائل خاصة بنا كدنماركيين"؟

وفي الأسبوع الماضي، في مؤتمر عام لذات الحزب، وقفت مندوبة وعضوة البرلمان مارلينا هاربسو وسط تصفيق المئات لتقول:" هؤلاء الأجانب يجب منحهم أحذية رياضية ليعودوا سريعا من حيث أتوا".



المساهمون