تظل العلاقات العراقية - الإيرانية محكومة بحساباتها المتشابكة التي تفرض نفسها على كل ما حولها، بما فيها المنتجات الثقافية.
لعل الخبر الذي نشرته اليوم صحيفة "جام جم" الإيرانية، والمتعلق باستعداد المصالح السينمائية الرسمية في إيران لإنتاج فيلم عن حياة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، يندرج في هذا السياق.
أشار الخبر بوضوح إلى أن هذه الفكرة تعود إلى "العلاقات الوثيقة التي كانت تربط طالباني بطهران"، علماً أن هذا الخبر ورد في الصفحة الأولى من الجريدة.
كما ورد في المقال أن هذا العمل سيعتمد على مذكرات نشرها طالباني منذ سنوات. ويُعرف طالباني في الساحة السياسية العراقية، بكونه أحد حلفاء إيران، وبشكل خاص في إقليم كردستان، حيث تعود الصلات بين الطرفين إلى ما قبل تأسيس حزبه "الاتحاد الوطني الكردستاني" في عام 1975.
كانت إيران، من جهتها، قد دعمت حصول طالباني على دورة ثانية لرئاسة الجمهورية في العراق في 2010 رغم المتاعب الصحية التي كان يعاني منها، وهو الذي كان قد أمضى دورة أولى بدأت في عام 2006 كأول ولاية رئاسية كاملة في عراق ما بعد الاحتلال.
لكن تعرضه لجلطة في الدماغ أعاق إكمال الدورة الثانية؛ حيث خرج لتلقي العلاج نهاية 2012 واستمر حتى انتهاء الدورة الرئاسية في 2014، ليخلفه فؤاد المعصوم.
يمكن اعتبار طالباني أول رئيس عراقي له صلات وثيقة ومعلنة مع طهران، حيث تميزت حقبة الرؤساء الذين سبقوه بوجود توتر بين العراق وإيران، أهمها تلك الفترات التي وصل فيها البعثيون للحكم والتي شهدت بسبب ذلك حرباً مطوّلة امتدت من 1980 إلى 1988 كان طالباني خلالها أحد أبرز معارضي نظام صدّام حسين.
لعل هذه الحرب، تذكّرنا بدور السينما في لعبة التجاذب بين البلدين وأسبقية إيران في هذا المجال. ففي حين لم تتناولها السينما العراقية إلا كخلفية لبعض الأعمال، فهي الإطار الرئيسي لعدة أفلام إيرانية مثل "ديدابان" (1990) لـ إبراهيم حاتاميكيا، و"وكالة البلور" (1998) لنفس المخرج، و"ولد تحت علامة الحرية" (2000) لـ أحمد رضا دارفيش. يبدو أن مرحلة ما بعد "البعث" ستعرف المصير نفسه.
اقرأ أيضاً: "محمد رسول الله": جدل الفقهاء والسينما