فيفا 2019... بلا قوانين

اعتدنا في السنوات الخمس والعشرين الماضية انتظار الجزء الجديد من لعبة الفيديو "فيفا" في الأيام الأخيرة من شهر سبتمبر/أيلول، ولم تتأخر شركة "EA Sport" هذا العام عن موعدها، إذ أصدرت نسخة "فيفا 19" قبل 10 أيام. 

في كل سنة، ينتظر عشاق ألعاب الفيديو وكرة القدم الإصدار الجديد من اللعبة، ليعاينوا التغيرات التي طرأت عليها، والتي غالباً ما تكون تغييرات طفيفة، تقتصر على جودة الصورة والغرافيك، وإضافة بعض المهارات والتدريبات الخاصة. إذا ما قمنا باستثناء نسخة "فيفا 17" التي خصصت جزءاً من اللعبة على نمط "الدراما التفاعلية"، وذلك من خلال التحكم بشخصية "أليكس هانتر"، وخوض المباريات به ضمن القصة الدرامية المحاكة حوله؛ وقد تمت المحافظة على هذا القسم وتطويره في الجزأين اللاحقين.

وفي ما يخص الجزء الجديد، فإنه يبدو مختلفاً إلى حد كبير عن الأجزاء الماضية، ولا يعود ذلك إلى اختلاق قصة جديدة، وإنما يعود إلى التطويرات الكبيرة التي أجريت على اللعبة نفسها، أي مباراة كرة القدم؛ فالجزء الجديد يتمتع بمرونة فائقة لم تكن موجودة في الأجزاء الماضية، فهو يتيح للاعبين تحديد قواعد المباريات كما يحلو لهم، وتغيير قوانين كرة القدم بغرض تحقيق أكبر قدر من التسلية. وتأتي هذه التطورات كانعكاس للمواضيع التي طرحها مدير القسم التقني في الفيفا ونجم الكرة الهولندية السابق، ماركو فان باستين، الذي لا يزال يسعى إلى تغيير قواعد كرة القدم بهدف إضفاء المزيد من المتعة على اللعبة، فاقترح إلغاء قانون التسلسل والاستفادة من بعض القوانين في لعبة كرة السلة، كأن يكون طرد اللاعب لا يتعدى 5 دقائق، وأن يطرد بعد عدد محدد من الأخطاء، بالإضافة لاقتراحه لزيادة عدد التبديلات في الأشواط الإضافية؛ وهو الأمر الذي تم اعتماده في بطولة كأس العالم الأخيرة.



لذلك فإن "فيفا 19" تضمنت خيار "القواعد الخاصة" لتلعب مباراة غير تقليدية، وتضمنت القواعد الخاصة خمسة خيارات، هي: "المسافات البعيدة"، وفي هذا النوع من المباريات تحسب الأهداف من خارج منطقة الجزاء بهدفين، و"الرأسيات والكرات الهوائية"، وفي هذه المباريات لا تحتسب سوى الأهداف التي تسجل بالرأس أو بمقصيات هوائية بالإضافة للركلات الحرة، و"البقاء للأفضل"، وفي هذه المباريات سيخرج لاعب من فريقك بشكل عشوائي لضمان تقارب المستوى بين المتنافسين، و"أول من يسجل"، وهنا تنتهي المباراة بمجرد الوصول لعدد الأهداف المتفق عليه دون الحاجة للعب 90 دقيقة، و"بلا قواعد"، وفي هذه المباريات لا يوجد حكم وبالتالي فإن القوانين ملغاة بالكامل، فلا تسلسل ولا مخالفات، وهو الأمر الذي يجعل المباراة أكثر عنفاً.

ويبدو أن "فيفا" قد تمكنت هذه السنة من التفوق على منافسها الدائم "PES" في كل شيء، حتى أنها تمكنت من شراء حقوق آخر الدوريات الكبرى التي لم تكن تمتلك حقوقها، وهي "دوري أبطال أوروبا" و"الدوري الأوروبي"؛ وعلى الرغم من أن النسخة الجديدة من "PES" قد صدرت قبل شهر، إلا أن إصدارها المبكر لم يساهم بتحقيق أية مكاسب.
وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم إشاعات تدعي بأن "فيفا 19" هي الجزء قبل الأخير من سلسلة "فيفا"، إذ ستكون "فيفا 20" هي الجزء الأخير، وستكتفي الشركة المنتجة بعد ذلك بإصدار تحديثات للعبة، تشمل أعمار اللاعبين وخصائصهم والمنتخبات التي يلعبون لها، وكل ما يطرأ على لعبة كرة القدم من انتقالات وإقالات وحوادث خاصة.


هكذا، ستواكب اللعبة كل التطورات التي تحدث على أرض الواقع من دون إجراء تعديلات جذرية على بنية اللعبة؛ إلا أن "EA Sport" لم تقم بتأكيد الإشاعة أو نفيها حتى اللحظة؛ وإن صحّت هذه الإشاعة، فهل سندخل بعصر جديد من تجارة ألعاب الفيديو، يعتمد على التحديثات الرقمية بدلاً من مبيعات الأقراص الصلبة!