وجاء تعيين الأمير فيصل بن فرحان مفاجئاً للجميع، خصوصاً أنه كان على حساب الوزير إبراهيم العساف الذي عيّنه الملك سلمان شخصياً لإدارة الأمور بدلاً من وزير الخارجية الشاب ووزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير عقب مقتل الكاتب والصحافي المعارض جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول وتصاعد حدة الهجوم على بلاده.
ولد الأمير فيصل بن فرحان في مدينة فرانكفورت بألمانيا عام 1974. ولا يعرف السعوديون معلومات كثيرة عنه، إذ قضى جل حياته في الخارج موظفاً في قطاع التسليح والصيانة والإمداد وأحد الوكلاء المتدني المستوى لصفقات السلاح السعودية الحكومية التي تشوب كثيراً منها عمليات فساد ورشاوى.
وعمل الأمير في الفترة ما بين عامي 1996 و1998 نائب رئيس للشركة السعودية للتشغيل والصيانة، قبل أن يعمل ممثلاً لشركة "بوينغ" في مجلس إدارة شركة السلام لصناعات الفضاء، ونائباً لرئيس المجلس ومن ثم عمل رئيساً لمجلس الإدارة، وأسس الأمير شركة استثمارية اسمها "شمال" للاستثمار.
ونسج الأمير فيصل علاقات قوية مع سلمان قبل صعوده إلى كرسي ولاية العهد، إذ ينتمي كلاهما إلى جيل الأمراء الشباب المتعطشين للمال والنفوذ، وكان كلاهما يعمل في القطاع الخاص ويحاول جني أكبر قدر ممكن من الأموال. وبعد وصول الأمير محمد بن سلمان لولاية العهد في عام 2017، عين الأمير فيصل مستشاراً في مكتب ولي العهد بما يخص سياسات التسليح والسياسات الخارجية، كما عمل مستشاراً لوزارة الخارجية أيضاً قبل أن يعين في عام 2018 في منصب كبير المستشارين في السفارة السعودية في الولايات المتحدة.
تحوم شبهات حول الأمير فيصل في مدى تورطه في استدراج خاشقجي إلى القنصلية السعودية في إسطنبول لإتمام عملية قتله بسبب آرائه المعارضة لابن سلمان، وأدت هذه الشبهات إلى قيام بن سلمان بإخراج الأمير فيصل من الولايات المتحدة وتعيينه سفيراً في ألمانيا في فبراير/ شباط الماضي، حين حاول ولي العهد استغلال العلاقة الحسنة للأمير فيصل بالألمان وذلك لإنهاء التوتر في العلاقات بين البلدين عقب فضيحة اغتيال خاشقجي.
ويملك الأمير فيصل خبرة كبيرة في التسليح في أثناء عمله وسيطاً لصفقات التسليح السعودية، مما يفتح المجال أمام ولي العهد لإنهاء حالة الخصام التي يعيشها مع العديد من الدول الأوروبية والتي قامت بوقف جزء من صفقات التسليح عقب الحرب الدموية التي أشعلها في اليمن وتضرر منها ملايين المدنيين اليمنيين، إضافة إلى اغتيال خاشقجي وتعذيب الناشطين والناشطات الحقوقيات المعتقلين داخل البلاد.
كذلك يعد الأمير فيصل أحد الأمراء المؤيدين للتصعيد مع إيران، إضافة إلى خوض حرب معها، بغض النظر عن القدرات العسكرية السعودية، وقد أطلق تصريحات قوية عندما كان سفيراً لبلاده في ألمانيا تجاه إيران وهددها بالرد عقب الهجوم الذي استهدف المنشآت النفطية التابعة لشركة أرامكو، والذي أدى إلى تعرض الاقتصاد السعودي إلى ضربة قوية، لينضم بذلك الأمير إلى الفريق الدبلوماسي المندفع المحيط بابن سلمان، والذي تسبب في خسائر دبلوماسية كبيرة للسعودية داخل منظومة مجلس التعاون الخليجي عقب قرار حصار قطر في عام 2017 إضافة لخسائر دبلوماسية أخرى في اليمن والعراق وسورية ولبنان وكندا وألمانيا.
ويخلف الأمير فيصل الوزير إبراهيم العساف الذي عيّن بأمر مباشر من العاهل السعودي، ليحاول التخفيف من حدة الهجوم العنيف على بلاده، لكن ولي العهد لم يكن ليتحمل وجود شخص من الحرس القديم بحجم العساف، الذي عمل وزيراً للمالية لأكثر من 20 عاماً، خوفاً من أن يقيد اندفاعه في قراراته السياسية الخارجية.
ويوصف الأمير فيصل وسط دوائر المعارضة السعودية بأنه "تابع كلياً" لولي العهد وبأنه سيحوّل وزارة الخارجية إلي مجرد مكتب صغير تابع لابن سلمان كما هو الحال مع وزارات سيادية مهمة مثل الدفاع والداخلية.
ومن المنتظر أن تشتعل، بحسب المعارضين السعوديين، جبهات دبلوماسية جديدة تحت قيادة الأمير فيصل بن فرحان، خصوصاً بين السعودية وتركيا وبين السعودية ودول خليجية كالكويت وعُمان.