فيدان يخضع لأردوغان ويعود إلى الاستخبارات

11 مارس 2015
اتفق أردوغان وداود أوغلو بملف فيدان (آدم ألتان/فرانس برس)
+ الخط -
انتهى مسلسل الرجل الأمني الأقوى في تركيا حاقان فيدان، بعودته "سالماً" إلى قواعده السابقة بعد فترة طويلة من الشدّ والجذب بين العمل الاستخباراتي والعمل السياسي. وكان فيدان قد استقال الشهر الماضي من منصبه كرئيس للاستخبارات التركية، بغية الترشح عن حزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات التشريعية التركية، في يونيو/حزيران المقبل، لكن الرجل عاد لمنصبه بعد أقل من شهر بقرار من رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.

وتم إعلان قرار عودة فيدان إلى منصبه بعد اجتماع الحكومة في القصر الرئاسي الجديد في العاصمة أنقرة، برئاسة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، وحضور داود أوغلو، وقائد القوات البرية الجنرال خلوصي أكار، وقائد القوات الجوية الجنرال أكن أوزتورك، والوزراء الجدد لوزارات الداخلية والعدل والاتصالات، بعد اضطرار الوزراء السابقين للاستقالة، لأسباب دستورية، تقضي بـ"حيادية" هذه الوزرات لضمان نزاهة الانتخابات. وأكد نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة بولنت أرينج في مؤتمر صحفي، أن "داود أوغلو، عيّن فيدان مرة أخرى، رئيساً للاستخبارات العامة في البلاد". وكان فيدان سحب، يوم الاثنين، الطلب الذي قدمه لحزب "العدالة والتنمية"، للترشح إلى الانتخابات، مشيراً إلى أن "قراره جاء بناءً لرؤيته الخاصة". وأكد أنه "سيواصل السعي لخدمة الأمة في أي مهمة توكل إليه".


يأتي تراجع فيدان عن استقالته، بعد تقارير أشارت إلى أنه التقى أردوغان في السعودية، بينما كانا يقومان بأداء العمرة بشكل منفصل. حاول فيدان شرح وجهة نظره وأسباب استقالته للرئيس التركي، لكن الأخير لم يأبه، بل واصل انتقاداته واعتراضه، قائلاً: "نحن نحكم دولة، لقد أعربت بالفعل عن رأيي في هذه المسألة، وسيكون هناك خيبة أمل بالطبع، إذا أبقيت طلبك للترشح لعضوية البرلمان، على الرغم من اعتراضي".

وتشير التقارير إلى أن ضغوط أردوغان على فيدان، جاءت بسبب المرحلة الحرجة التي تمر بها تركيا في عملية السلام مع حزب "العمال" الكردستاني والمنطقة، في ظلّ التغوّل الإيراني والحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إذ لا مجال لاستبدال فيدان، الذي أثبت كفاءته، بأي رجل آخر.

اقرأ أيضاً: حاقان فيدان.. سلاح أردوغان السرّي

ودفع موضوع فيدان إلى ترؤس أردوغان اجتماع مجلس الوزراء، للمرة الثانية، بعد الاجتماع الأول في يناير/ كانون الثاني الماضي، وكسابقه استمر هذا الاجتماع أيضاً حوالي التسع ساعات. كما عقد داود أوغلو وأردوغان اجتماعاً منفرداً، دام 80 دقيقة، ليتم الإعلان بعدها عن تراجع فيدان عن الاستقالة. مع العلم أن داود أوغلو رحّب بها سابقاً، إذ كان متوقعاً أن يشغل فيدان منصب وزير الخارجية في الحكومة المقبلة، بعد انتخابات يونيو/حزيران، في حال تم تكليف داود أوغلو مرة أخرى بتشكيلها.

وشاب علاقة أردوغان ـ داود أوغلو، توتر بدا واضحاً، بعد أن عبّر أردوغان عن انزعاجه في وقت سابق، من عدم وجود تناغم بين رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية. وكانت مسألة "مسودة حزمة قوانين الشفافية الحزبية"، سبباً لاستياء أردوغان، الذي اعتبر أن داود أوغلو أقدم عليها من دون التشاور معه، ليضطر رئيس الوزراء لتأجيل مناقشة الحزمة في البرلمان.

خلطت عودة فيدان عن استقالته تحت ضغوط أردوغان، الأوراق مرة أخرى، في لعبة القوة التي تتنازع "العدالة والتنمية"، بين "الحرس القديم" و"الحرس الجديد" قبل الانتخابات. وكان فيدان سيُشكّل دفعة قوية لداود أوغلو، في ظلّ التحدي الكبير الذي وضعه أردوغان للحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بالحصول على 400 مقعد برلماني من أصل 550، في سبيل تمرير دستور جديد بنظام رئاسي.

يُذكر أنه حين استقال فيدان، ظنّ الجميع بأن هذا الأمر تمّ بالتوافق بين داود أوغلو وأردوغان، قبل أن يخرج الأخير مؤكداً أن "فيدان استقال على الرغم من معارضته". الأمر الذي خدش صورة "الرجل الحديدي" التي كان يحظى بها أردوغان في الحزب، لتُشكّل عودة فيدان عن الاستقالة تأكيداً للسيطرة الكبيرة التي ما زال يتمتع بها أردوغان في الحزب، لتطفو الشكوك مجدداً حول من سيقوم باختيار مرشحي "العدالة والتنمية" للانتخابات، الرئيس الرسمي للحزب داود أوغلو أم أردوغان؟

لا أحد يدري تماماً ماذا يجري في كواليس "العدالة والتنمية"، على الرغم من تأكيد جريدة "حرييت التركية"، أمس الثلاثاء، أن "الرئيس السابق عبد الله غول لن يترشح للبرلمان عن العدالة والتنمية"، إلا أن التلويح بالعودة أثار الكثير من التكهنات.

ويؤكد مراقبون أن ترحيب أردوغان الحذر بعودة محتملة لغول، ليس إلا مجرّد تلويح بورقة "هناك بديل لك" في وجه داود أوغلو، لممارسة المزيد من الضغوط عليه، بينما يشير آخرون إلى أن ترحيب داود أوغلو بالعودة، يأتي في إطار تقوية موقفه وحملة "العدالة والتنمية" الانتخابية، بعد انسحاب فيدان وعودته للاستخبارات، خصوصاً أن غول وداود أوغلو، لم يعلنا صراحة بعد، تأييدهما للنظام الرئاسي بالطريقة التي يطرحها أردوغان.

اقرأ أيضاً: تسوية القضيّة الكردية تتصدّر أولويات الحكومة التركيّة

المساهمون