يشعر السياسيون الأوروبيون والأمنيون، مع كل حادث يحمل سمة العنف، بضغط أكبر من مجتمعاتهم للتأكيد على قدرتهم على حماية المواطنين، مهما كان الحادث بعيداً، مثل احتجاز الرهائن في أستراليا. في الأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول الجاري استشعر وزراء العدل الأوروبيون حجم الورطة التي ساهم بها التركيز الإعلامي والسياسي على خطر "داعش" وما يشكله من ضغوط في مجتمعاتهم.
ولأنّ العمل الأمني في الدول الأعضاء يتطلب تشريعات وقوانين صادرة عن البرلمانات، فقد ناشد وزراء العدل الأوروبيون برلمان الاتحاد الأوروبي والمشرعين لمنحهم صلاحيات مراقبة وتسجيل المشبوهين بالإرهاب.
من جهتهم، اعتبر وزراء الداخلية ومفوضو الهجرة في دول الاتحاد الـ28 في اجتماعاتهم أنّ "هؤلاء الذين يسافرون من الاتحاد للمشاركة في الحروب، ثم يعودون إليها باتوا يشكلون خطراً بوجه أوروبا". وطالبوا البرلمان الأوروبي بمنح صلاحيات لوزارات العدل لتبادل المعلومات حول سجلات لوائح المسافرين للتعرف إلى المشتبه بتشكيلهم خطراً على الأمن الأوروبي. وبحسب ما رشح من تلك الاجتماعات، فإنّ مسؤولي مكافحة الإرهاب يرغبون بعمل واضح يخولهم "التحقق وتسجيل لائحة معلومات عن المسافرين، لكي تشمل عناوينهم وخط سير الرحلات وكيفية دفع ثمن البطاقات وعدد الحقائب التي حملها كلّ مسافر".
في المقابل، يرفض بعض المشرعين في البرلمان الأوروبي منح تلك الصلاحيات، باعتبار الأمر "تجاوزاً لحقوق الخصوصية التي من المفترض أن يتمتع بها مواطنو الاتحاد، واعتداء على الحقوق المدنية". ويخشى هؤلاء أن "يجري استغلال مثل تلك الإجراءات المطلوبة للتدخل في سيادة الدول وإقامة أنظمة مراقبة تضيّق على المواطنين". وهو ما تجادلت حوله الكتل البرلمانية اليمينية واليسارية المعادية بالأصل لفكرة الاتحاد واستصدار مثل تلك التشريعات.
أما ما يخيف الجهات الأمنية فعلاً، فهي التقارير حول اتساع "عمليات تزوير جوازات سفر أوروبية، يجري استخدامها عادة لتهريب اللاجئين من بلدان كاليونان وإيطاليا وتركيا". ويبدو أنّ تخوفات الأوروبيين ونقاشاتهم الداخلية باتت تحمل الكثير من الخشية من "خلايا يجري دسها بين اللاجئين". لكنّ المحامية المدافعة عن قضايا المهاجرين هيليا راتزر، تؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "كلّ هذه التحذيرات والتشديدات تغطي على عجز سياسي لدول الاتحاد في تحمل مسؤوليتها أمام حاجة اللاجئين لتخفيف شروط الدخول واستقبال المزيد".