بما أنّ فن الوشم يشكّل جزءاً هاماً في الثقافة البريطانية منذ القدم، أقامت بريطانيا معرضاً جديداً للوشم في المتحف البحري الوطني في العاصمة لندن. ومن المعلوم أنّ الوشم ليس بدعة حديثة كما أنّه لم يبدأ في بريطانيا، لذلك هدف المعرض إلى وضع التسلسل الزمني له. إذ يقال إنّ الأغنياء كانوا يسافرون، ومعظمهم من الرجال إلى بيت لحم والقدس والناصرة، ليحصلوا على الوشم هناك. وربّما يكون أقدم محل للوشم موجوداً في مدينة القدس اليوم ويعرف باسم: "رزوق تاتو".
كذلك تحدّى المعرض الأساطير القديمة والأحكام المسبقة حول الوشم، التي تتعلّق بالطبقة والجنس والعمر، فضلاً عن احتفاله بالتراث الفني الغني للوشم في بريطانيا.
ويعود استخدام البريطانيين الأوائل للوشم في الاحتفالات، لكن في عام 787 ميلادية حظره البابا هادريان، بيد أنّه استمرّ في الازدهار في بريطانيا حتى غزو النورماندي في عام 1066، حين اختفى هذا الفن من الثقافة الغربية من القرن الثاني عشر ولغاية القرن السادس عشر.
يعتبر ويليام دامبير، البحار والمستكشف، المسؤول عن إعادة إدخال الوشم إلى الغرب في عام 1691، حين جلب إلى لندن فنان وشم كبيراً، يعرف باسم الأمير جوليو، وأقام معرضاً لجمع المال، ما أثار الغضب في مدينة الضباب، واحتاج هذا الفن إلى مائة عام أخرى قبل أن يصبح علامة في الغرب، بعد غياب دام ستّة قرون.
وما لبث أن انتشر الوشم في لندن وأثار ضجّة كبيرة، إذ كان أبناء الطبقة العليا يضعون وشوماً صغيرة في أماكن خفية. لكنّ إجراءاته البطيئة والمؤلمة عرقلت اتساع نطاق انتشاره.
وفي أواخر عام 1880، افتتح أول محل للوشم في بريطانيا في شارع جيرمين في لندن. وكان سوثيرلاند ماكدونالد، أوّل فنّان وشم يتخذه مهنةً لكسب لقمة العيش وتطوير آلة الوشم. سمحت هذه الآلة لأي شخص بالحصول على سعر معقول، وبات هذا الفن متاحاً للجميع، فتحوّلت الطبقة العليا بعيداً عنه.
ومع مرور الوقت، بات ينظر إلى ثقافة الوشم، نظرة دونية تلتصق بالمجرمين أو البحارة فقط. ولم تكن هناك مدارس تعلّم هذه الحرفة. وعلى الرّغم من انتشاره الواسع في بريطانيا اليوم، لا يزال هناك أشخاص يلصقونه بالطبقات الوسطى أو الفقيرة.
يقول براين (55 عاماً) رجل أعمال بريطاني، لـ "العربي الجديد"، إنّ قلّة نادرة ممّن يشِمُون أجسامهم، ينتسبون إلى عائلات نبيلة أو ثرية، ربما يعود ذلك، إلى تاريخ الوشم، حيث كان ينظر إلى أصحابه كمجرمين. ويتابع أنّه بالفعل هناك الكثير من الموشومين في السجن، لكن هذا لا يعني أن سواهم أقل إجراماً، خاصّة في ظل غياب أي أدلّة تؤكّد ذلك.
بدوره، قال وسيم رزوق، صاحب محل "رزوق تاتو" الذي توارثه عن العديد من الأجيال السابقة، لـ "العربي الجديد"، إنّ عائلته تعمل في مجال فنّ الوشم في القدس، منذ 500 عام حين قدمت من مصر، حيث كانت قد بدأت هذا الفن هناك ومارسته على مدى مئتي عام قبل وصولها إلى فلسطين، وكانوا يشِمون الأقباط المسيحيين. أي أنّ هذا العمل لا يزال مستمراً منذ 700 عام، من قبل عائلة واحدة.
"تعلّمت أساسيات فن الوشم من أبي وبعدها من فنّان روسي ثمّ أضفت عليه من ابتكاري". يقول رزوق، ويضيف أنّ الوشم في المجتمع العربي كان أوسع نطاقاً في الستينيات والسبعينيات. واليوم يعود ليصبح مقبولاً في بعض هذه المجتمعات".
إلى ذلك، يظهر التاريخ المسجّل أنّه يمكن العثور على أقدم وشم، في مصر خلال فترة بناء الأهرامات العظيمة. وممّا لا شك فيه أنّ الوشم بدأ قبل ذلك الوقت بكثير، لكن زاد انتشار هذا الفن، مع توسع الإمبراطورية الفرعونية. ووصل بعدها إلى حضارات كريت واليونان وبلاد فارس والجزيرة العربية. وكان فن الوشم الشكل الأكثر شعبية على الجسم في تاريخ البشرية. ويزعم أنّه كان موجوداً منذ فترة طويلة قد تعود إلى 12 ألف سنة قبل الميلاد. وعثر على العديد من المومياوات لإناث، يعود تاريخها إلى 20 ألف عام قبل الميلاد، ومذاك والناس يقومون بوشم أجسادهم وفق ثقافات وأيديولوجيات مختلفة.
كذلك أفاد موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، بأنّ أقدم متجر للوشم اليوم قد يكون "رزوق تاتو" في مدينة القدس، حيث يتهافت الكثير من الناس إليه، ومنهم مسيحيون ممّن يزورون هذه المدينة، لوشم أجسادهم بالصليب كعلامة ترمز إلى إيمانهم الديني.
اقــرأ أيضاً
ويعود استخدام البريطانيين الأوائل للوشم في الاحتفالات، لكن في عام 787 ميلادية حظره البابا هادريان، بيد أنّه استمرّ في الازدهار في بريطانيا حتى غزو النورماندي في عام 1066، حين اختفى هذا الفن من الثقافة الغربية من القرن الثاني عشر ولغاية القرن السادس عشر.
يعتبر ويليام دامبير، البحار والمستكشف، المسؤول عن إعادة إدخال الوشم إلى الغرب في عام 1691، حين جلب إلى لندن فنان وشم كبيراً، يعرف باسم الأمير جوليو، وأقام معرضاً لجمع المال، ما أثار الغضب في مدينة الضباب، واحتاج هذا الفن إلى مائة عام أخرى قبل أن يصبح علامة في الغرب، بعد غياب دام ستّة قرون.
وما لبث أن انتشر الوشم في لندن وأثار ضجّة كبيرة، إذ كان أبناء الطبقة العليا يضعون وشوماً صغيرة في أماكن خفية. لكنّ إجراءاته البطيئة والمؤلمة عرقلت اتساع نطاق انتشاره.
وفي أواخر عام 1880، افتتح أول محل للوشم في بريطانيا في شارع جيرمين في لندن. وكان سوثيرلاند ماكدونالد، أوّل فنّان وشم يتخذه مهنةً لكسب لقمة العيش وتطوير آلة الوشم. سمحت هذه الآلة لأي شخص بالحصول على سعر معقول، وبات هذا الفن متاحاً للجميع، فتحوّلت الطبقة العليا بعيداً عنه.
ومع مرور الوقت، بات ينظر إلى ثقافة الوشم، نظرة دونية تلتصق بالمجرمين أو البحارة فقط. ولم تكن هناك مدارس تعلّم هذه الحرفة. وعلى الرّغم من انتشاره الواسع في بريطانيا اليوم، لا يزال هناك أشخاص يلصقونه بالطبقات الوسطى أو الفقيرة.
يقول براين (55 عاماً) رجل أعمال بريطاني، لـ "العربي الجديد"، إنّ قلّة نادرة ممّن يشِمُون أجسامهم، ينتسبون إلى عائلات نبيلة أو ثرية، ربما يعود ذلك، إلى تاريخ الوشم، حيث كان ينظر إلى أصحابه كمجرمين. ويتابع أنّه بالفعل هناك الكثير من الموشومين في السجن، لكن هذا لا يعني أن سواهم أقل إجراماً، خاصّة في ظل غياب أي أدلّة تؤكّد ذلك.
بدوره، قال وسيم رزوق، صاحب محل "رزوق تاتو" الذي توارثه عن العديد من الأجيال السابقة، لـ "العربي الجديد"، إنّ عائلته تعمل في مجال فنّ الوشم في القدس، منذ 500 عام حين قدمت من مصر، حيث كانت قد بدأت هذا الفن هناك ومارسته على مدى مئتي عام قبل وصولها إلى فلسطين، وكانوا يشِمون الأقباط المسيحيين. أي أنّ هذا العمل لا يزال مستمراً منذ 700 عام، من قبل عائلة واحدة.
"تعلّمت أساسيات فن الوشم من أبي وبعدها من فنّان روسي ثمّ أضفت عليه من ابتكاري". يقول رزوق، ويضيف أنّ الوشم في المجتمع العربي كان أوسع نطاقاً في الستينيات والسبعينيات. واليوم يعود ليصبح مقبولاً في بعض هذه المجتمعات".
إلى ذلك، يظهر التاريخ المسجّل أنّه يمكن العثور على أقدم وشم، في مصر خلال فترة بناء الأهرامات العظيمة. وممّا لا شك فيه أنّ الوشم بدأ قبل ذلك الوقت بكثير، لكن زاد انتشار هذا الفن، مع توسع الإمبراطورية الفرعونية. ووصل بعدها إلى حضارات كريت واليونان وبلاد فارس والجزيرة العربية. وكان فن الوشم الشكل الأكثر شعبية على الجسم في تاريخ البشرية. ويزعم أنّه كان موجوداً منذ فترة طويلة قد تعود إلى 12 ألف سنة قبل الميلاد. وعثر على العديد من المومياوات لإناث، يعود تاريخها إلى 20 ألف عام قبل الميلاد، ومذاك والناس يقومون بوشم أجسادهم وفق ثقافات وأيديولوجيات مختلفة.
كذلك أفاد موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، بأنّ أقدم متجر للوشم اليوم قد يكون "رزوق تاتو" في مدينة القدس، حيث يتهافت الكثير من الناس إليه، ومنهم مسيحيون ممّن يزورون هذه المدينة، لوشم أجسادهم بالصليب كعلامة ترمز إلى إيمانهم الديني.